تزايد التحركات المعادية للمغرب: خيوط المؤامرة تتكشّف والردّ الدبلوماسي حاضر

اردان ماجدة

بدأت معالم مخطط معادٍ للمملكة المغربية تخرج إلى العلن، حيث تتشابك خيوط المؤامرات في تناغم واضح بين عناصر محسوبة على ما يُعرف بـ”الطابور الخامس”. هذه الجهات لا تخفي ارتباطاتها ببعض القوى الدولية والإقليمية، وتروّج خطابًا ظاهره الدفاع عن حرية التعبير ودعم القضية الفلسطينية، بينما يحمل في جوهره تهديدًا مباشراً لثوابت الدولة المغربية واختياراتها الإستراتيجية.

يتجلّى هذا المسعى الممنهج في محاولات متكررة للمساس بوحدة التراب الوطني، خاصة في ظل الانتكاسات المتوالية للمشروع الانفصالي والجزائري على مختلف الأصعدة، وهو ما تأكد خلال مداولات مجلس الأمن الأخيرة التي كرّست التراجع الحاد في دعم هذه الأطروحة.

الدعم الدولي ومكاسب دبلوماسية

عززت المملكة موقعها الدبلوماسي بعد زيارة ناجحة لوزير خارجيتها إلى واشنطن ولقاءاته رفيعة المستوى، تبعتها مواقف دولية مساندة، أبرزها الموقف الفرنسي والإسباني، المؤكدان على سيادة المغرب على صحرائه. كما تم نقل المعركة إلى الساحة اللاتينية، حيث تم إدراج “بوليساريو” ضمن قوائم الإرهاب في أكثر من دولة، مما عجّل بتهاوي نفوذ الحركة الانفصالية في تلك المنطقة.

على مستوى القارة السمراء، تلقّى المشروع الجزائري في الساحل ضربة قاصمة بعد التفاف دول المنطقة حول المبادرة المغربية لربط الساحل الأطلسي كحل تنموي متكامل. كما دخل مشروع أنبوب الغاز المغربي – النيجيري مرحلة متقدمة، وهو ما اعتبرته الجزائر محاولة لتطويقها جيوسياسيًا من الجنوب.

خطر التغلغل الإيراني ومحاولات زعزعة الاستقرار

في خضم هذه المكاسب، نشطت دوائر مناوئة للمغرب، أبرزها في الجزائر وطهران، لاعتماد تكتيكات قديمة ترتكز على زعزعة الداخل عبر أدوات إعلامية وحقوقية وسياسية. هؤلاء يستغلون شعارات دعم غزة للتسلل إلى المشهد السياسي المغربي، في محاولة لخلق حالة من الفوضى، باستهداف قطاعات حساسة، أبرزها الموانئ المغربية.

ويتزايد القلق من النشاط الإيراني في المغرب، خصوصاً في شمال المملكة، حيث تسعى تنظيمات شيعية مدعومة من طهران لترسيخ موطئ قدم عقائدي وسياسي في المنطقة المطلة على مضيق جبل طارق، وذلك ضمن مشروع طويل الأمد يستنسخ تجربة “حزب الله” في لبنان.

يُمثل مضيق جبل طارق نقطة محورية في الأمن الإقليمي والدولي، وتهديده من قبل إيران، أو من ينوب عنها، يعدّ تجاوزًا خطيرًا. فالمضيق الذي تمرّ عبره نسبة مهمة من التجارة العالمية، صار ضمن نطاق حسابات النظام الإيراني الذي يسعى لإعادة هندسة موازين القوى في المتوسط والمحيط الأطلسي.

فلسطين والموقف المغربي الثابت

رغم هذا التوتر، يُحافظ المغرب على توازنه في تعاطيه مع ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. فالدعم المغربي لفلسطين ثابت، يستند إلى رؤية عقلانية وملتزمة بحل الدولتين، ويتجسد من خلال رئاسة الملك محمد السادس للجنة القدس، وحرصه على حماية المقدسات.

وفي الوقت ذاته، لا تنفصل علاقات المملكة مع إسرائيل عن نهج دبلوماسي يقوم على خدمة السلام واستثمار الموقع الجيوسياسي للمغرب في تقريب وجهات النظر، دون التفريط في الثوابت الوطنية أو الانخراط في مشاريع غير محسوبة.

تؤكد هذه المعطيات أن المغرب، برؤية ملكية رصينة، يواجه التحديات الخارجية بوسائل دبلوماسية فعالة وبحضور متماسك في المحافل الدولية. أما الدعوات المشبوهة لتجميد العلاقات المغربية – الإسرائيلية أو التظاهر تحت شعارات فضفاضة، فلا تعدو أن تكون أدوات لخدمة أجندات إقليمية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية أو القضية الفلسطينية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: