العودة المستحيلة: الوطن ليس غفورًا رحيمًا

بوشعيب البازي

في عام 2025، وبعد خمسة عقود من الأكاذيب والدعايات المضللة، بدأت تظهر على السطح ملامح انكسار جبهة “البوليساريو”، وبدأ بعض أعضائها يلوّحون برغبتهم في العودة إلى المغرب، بعدما أدار لهم العالم ظهره، وبعدما انكشفت حقيقة مشروعهم الانفصالي، المدعوم جزائريًا، على مرأى ومسمع من المنتظم الدولي.

لكن المغرب، الذي صبر طويلاً وتعامل بحكمة مع ملف الصحراء، ليس ذلك الوطن الساذج الذي يُلدغ من الجحر مرتين. فـ”الوطن غفور رحيم” كانت شعارًا في سياقات المصالحة الوطنية والبناء الجماعي، أما اليوم، فالأمر مختلف. اليوم، نحن أمام خونة حملوا السلاح ضد الوطن، وشاركوا في قتل جنوده، وتآمروا عليه في المنابر الدولية، وروّجوا الأكاذيب باسم شعب لا يعرفهم ولا يعترف بمشروعهم.

نجاح الدبلوماسية المغربية

الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نجحت في ما فشلت فيه دول كثيرة: بناء تحالفات استراتيجية، واستصدار اعترافات دولية بمغربية الصحراء، وفضح الدور القذر للنظام الجزائري في خلق نزاع وهمي لا يخدم إلا مصالحه الضيقة.

أمريكا، إسبانيا، ألمانيا، وعدد من الدول الإفريقية والعربية، كلها أيّدت أو اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه. والشرعية الدولية اليوم تميل بوضوح لصالح المغرب، في حين ينكشف زيف “الجمهورية الوهمية” أمام العالم، وتتهاوى سرديات الانفصال الواهية.

من يعيش في تندوف… جزائري

الواقع اليوم واضح: من يعيش في تندوف، تحت سلطة البوليساريو ومراقبة المخابرات الجزائرية، وتغذية إعلام العسكر، فقد اختار انتماءه. هؤلاء لم يعودوا مغاربة لا واقعًا ولا شعورًا. هم مواطنون جزائريون افتراضيون، يستغلهم النظام لتمديد وهمه الاستراتيجي المسمى “قضية الصحراء الغربية”.

أما المغرب، فقد طوى صفحة الوهم. القضية حُسمت في الميدان، وفي المحافل الدولية، وفي قلوب المغاربة من طنجة إلى الكويرة. من أراد العودة فعليه أن يواجه الحقيقة: لا عفو دون حساب، ولا تسامح دون توبة واضحة واعتراف صريح بالخيانة

من تآمر، وخان، ووقف مع العدو، لا يمكنه أن يطلب الصفح ساعة الهزيمة. الوطن اليوم يخطو بخطى واثقة نحو الحسم النهائي، وملف الصحراء في طريقه للإغلاق، بعد أن أصبح العالم يرى بوضوح كيف تلاعبت الجزائر بمعاناة اللاجئين واحتجزتهم رهائن لتغذية نزاع مفتعل.

المغرب في 2025 ليس هو مغرب السبعينات. لم تعد هناك حاجة للتسامح غير المشروط، ولا للصفح باسم الوطنية الزائفة. من أراد الرجوع، فليُحاسب أولًا، ومن اختار الخيانة، فليبقَ حيث هو.

الوطن لا يُغدر به ثم يُطلب العفو، ولا يُطعن في ظهره ثم يُفتح له الباب مجددًا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: