الدكتور الصنايبي والتامغرابيت: دفاع نزيه عن الهوية المغربية في وجه الخطاب الكرغلي

بوشعيب البازي

في زمنٍ تتقاطع فيه الهويات وتتنازع فيه المرجعيات، برز الدكتور عبد الحق الصنايبي كصوتٍ فكري وأكاديمي مغربي يضع “التامغرابيت” — تلك الهوية المغربية الجامعة، العريقة والمتمدنة — في صدارة النقاش الثقافي والسياسي. لقد اختار الصنايبي أن يخوض معركة النقاء الهوياتي، ليس من باب الإقصاء، بل من منطلق إعادة الاعتبار لروح الانتماء الوطني، في وجه ما يسميه بـ”الخطاب الكرغلي”، وهو خطاب يُتهم بمحاولة تغريب الشخصية المغربية وطمس عمقها التاريخي المتنوع.

التامغرابيت… هوية متجذرة، لا شعار عابر

بالنسبة للدكتور الصنايبي، “التامغرابيت” ليست مجرد شعار أو مفهوم ثقافي، بل هي تركيبة متفردة من العناصر الأمازيغية، العربية، الإسلامية، الحسانية، الأندلسية، اليهودية، والأفريقية… هوية صاغها التاريخ والجغرافيا، وعززها التعايش، وكرّسها الواقع المجتمعي. وهو يرى أن قوة المغرب تكمن في هذا التعدد الغني، الذي يشكل أساس وحدة متينة، لا تهزها محاولات الاستلاب ولا تُخترق بخطابات الاستعلاء الهوياتي.

الكراغلة… أي مشروع وراء الخطاب؟

مصطلح “الكراغلة”، كما يستخدمه الصنايبي، لا يحمل بالضرورة دلالة إثنية، بل يحيل على خطاب سياسي وثقافي يُنسب إلى تيارات تحاول فرض “مرجعية قومية هجينة” تتنكر للمكون المحلي وتستورد تصورات فوقية، غالبا ما تكون ذات نزعة “مشرقية” أو “عقائدية متطرفة”، تعادي التعدد وتُقصي الخصوصية المغربية. وهنا يرى الصنايبي أن الخطر لا يكمن في الخلاف، بل في الطمس المتعمد للتنوع من أجل فرض سردية أحادية الجانب.

الدفاع بالفكر لا بالشعارات

ما يُميّز مرافعة الصنايبي عن التامغرابيت هو أنه لا يسقط في فخ الخطاب الانفعالي، بل يستند إلى تحليل علمي، وتفكيك لسرديات الهيمنة الثقافية. ينطلق من التاريخ، ويعود إلى الفلسفة، ويفتش في التراث والدستور والسياسة، ليؤكد أن الدفاع عن الهوية ليس عداءً للآخر، بل وفاء للذات.

في لحظة تاريخية حساسة، حيث يُعاد تشكيل الهويات في العالم، يشكل خطاب الدكتور الصنايبي جرس إنذار فكري يذكّر المغاربة بأن هويتهم ليست ترفا فكريا ولا شعارا مناسباتيا، بل هي حصنهم الثقافي والسياسي في وجه محاولات التفكيك والاختراق. وبين التامغرابيت والكراغلية، يختار الصنايبي أن يكون في صف التاريخ والجغرافيا والعقلانية المغربية التي لا تعرف الخضوع ولا الذوبان.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: