إسبانيا تجدد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء وتكرس التوجه الدولي نحو تسوية النزاع
مجدي فاطمة الزهراء
جدّدت إسبانيا، يوم الخميس، موقفها الثابت والداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، معتبرة إياها “الحل الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”، وذلك في انسجام تام مع التحولات السياسية والدبلوماسية التي يشهدها هذا الملف على الصعيد الدولي.
وفي تصريح له عقب لقائه مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، شدد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، على أن بلاده تعترف بالأهمية القصوى التي تمثلها قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، مؤكداً دعم إسبانيا للجهود الجادة التي تبذلها الرباط، تحت مظلة الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه.
هذا الموقف الإسباني المتقدم يندرج ضمن دينامية دولية يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس، والتي عززت بشكل غير مسبوق الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء. ومنذ إعلان الولايات المتحدة اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه في ديسمبر 2020، لحقت بها عدة دول وازنة أعادت النظر في مواقفها، وهو ما دفع إسبانيا إلى اتخاذ خطوة مماثلة، أعقبتها فرنسا رغم محاولات الضغط الجزائرية لثني باريس عن موقفها.
وقد عزز القرار الأخير رقم 2756 الصادر عن مجلس الأمن من زخم الدعم الدولي للمبادرة المغربية، حيث دعا إلى تسريع وتفعيل العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة على أساس هذا المقترح.
وتأتي التصريحات الإسبانية المتكررة في هذا السياق لتكريس الثقة المتبادلة بين الرباط ومدريد، لا سيما في ظل التطور النوعي في العلاقات الثنائية منذ إعلان الحكومة الإسبانية في مارس 2022 دعمها الرسمي للمبادرة المغربية. وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد وصف المقترح المغربي حينها بأنه “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لإنهاء هذا النزاع الطويل.
ولعل هذه الدينامية المتجددة في العلاقات بين البلدين تتجلى أيضاً في استعداد المغرب وإسبانيا لتنظيم كأس العالم 2030 بشراكة ثلاثية مع البرتغال، مما يعكس مدى تعمق التعاون الاستراتيجي والثقة المتبادلة بين الجارين.
وعلى صعيد أوسع، باتت 22 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي تدعم بشكل صريح المقترح المغربي، إلى جانب دعم مماثل من دول الخليج، وبلدان إفريقية، وعواصم ذات وزن دولي كواشنطن وباريس.
ويرى المراقبون أن هذا الإجماع الدولي المتزايد يعكس رغبة صادقة في طي صفحة نزاع دام لأكثر من أربعة عقود، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والتعاون الإقليمي، في وقت لا تزال فيه بعض الأطراف متشبثة بخيارات متجاوزة تُبقي على الوضع القائم دون أفق حقيقي للحل.
إن التحول الحاصل من مدريد إلى واشنطن، مروراً ببروكسل وعواصم الخليج وإفريقيا، يمثل لحظة دبلوماسية حاسمة يجب استثمارها لإغلاق هذا الملف المزمن، على قاعدة سيادة المغرب ووحدته الترابية، وضمن إطار سياسي دولي يضمن التوافق والتنمية للمنطقة بأسرها.