اختطاف أمير ديزاد في باريس: اتهامات ثقيلة تهز العلاقات الفرنسية الجزائرية
بوشعيب البازي
في تطور قضائي بالغ الخطورة يُنذر بتصاعد أزمة دبلوماسية بين باريس والجزائر، وجهت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب اتهامات جنائية خطيرة إلى ثلاثة أشخاص، بينهم موظف في القنصلية الجزائرية، على خلفية تورطهم في اختطاف واحتجاز المعارض الجزائري المقيم بفرنسا، أمير بوخرص، المعروف باسم “أمير ديزاد”. ووُصفت القضية من قبل مصادر فرنسية بأنها “حساسة وذات بعد إرهابي ودولي”، ما يعكس حجم التوتر الذي قد تخلفه على مستوى العلاقات الثنائية.
القضاء الفرنسي يوجّه اتهامات ذات طابع إرهابي
في بيان رسمي أصدرته يوم الجمعة 11 أبريل، أعلنت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب أنها وجهت تهمًا تتعلق بـ”الخطف، والاحتجاز التعسفي، والمشاركة في تنظيم إرهابي”، إلى ثلاثة مشتبه فيهم، أحدهم يشغل منصبًا دبلوماسيًا داخل القنصلية الجزائرية بفرنسا. وأمرت قاضية مختصة بإيداعهم الحبس الاحتياطي في انتظار نتائج التحقيقات الموسعة.
ووفق وكالة الأنباء الفرنسية (AFP)، فإن التحقيقات تطرقت إلى احتمالية استغلال الحصانة الدبلوماسية من قبل أحد المتهمين، الأمر الذي يضيف تعقيدًا إضافيًا إلى القضية، بالنظر إلى حساسية العلاقات القنصلية والدبلوماسية بين البلدين.
تفاصيل “عملية الاختطاف الفاشلة”
بحسب صحيفة لوباريزيان، وقعت محاولة الاختطاف في 29 أبريل 2024، حين اقترب رجلان من المعارض ديزاد مدّعين أنهما شرطيان فرنسيان، وأخبراه بأنه سيُنقل إلى أمستردام للقاء مسؤول جزائري. وبعد تخديره، تم اقتياده إلى غابة نائية، حيث عُثر عليه لاحقًا، وقد نجا من محاولة اغتيال كانت ستُنَفذ لولا “تعثرات مالية ولوجستية”، حسب ما أفاد به التقرير.
وتُشير التحقيقات إلى أن أحد المتورطين كان على اتصال مباشر بمسؤول في القنصلية الجزائرية، يُعتقد أنه ضابط استخبارات ويُشتبه في وقوفه وراء سلسلة من العمليات التي استهدفت معارضين جزائريين في الخارج.
شبهات اختراق داخل المؤسسات الفرنسية
في سياق متصل، كشفت النيابة الفرنسية عن توقيف موظف بوزارة الاقتصاد في ديسمبر 2024، للاشتباه في نقله معلومات حساسة عن معارضين جزائريين لصالح مسؤول جزائري يعمل بالقنصلية في كريتاي. وتعرض عدد من هؤلاء المعارضين لاحقًا لاعتداءات جسدية وتهديدات ومحاولات اختطاف.
وصرّح المحامي إريك بلوفييه، دفاع أمير ديزاد، بأن القضية الجديدة “تكشف بوضوح تدخل دولة أجنبية – الجزائر – في تنفيذ عمليات تهدد سلامة معارضين على التراب الفرنسي، وهو انتهاك صريح للقانون الفرنسي ولسيادة الدولة”.
ديزاد: رغم الترهيب.. مستمر في فضح الفساد
المعارض الجزائري، البالغ من العمر 42 عامًا، والمعروف بنشاطه الإعلامي الحاد ضد النظام الجزائري وفضحه للفساد داخل أوساط الحكم، عبّر عن استمراره في “المعركة”، رغم محاولات الترهيب. وكشف أن عناصر أمنية جزائرية اقتحمت منزل والدته في وهران، واقتادت شقيقته إلى المحكمة العسكرية حيث تعرضت لـ”التهديد”.
وفي منشور مؤثر عبر حساباته، كتب:
“حتى لو قتلتم والدتي، كل أمهات الجزائر الحرائر هنّ أمهاتي… المعركة مستمرة.”
علاقات على صفيح ساخن بين باريس والجزائر
تأتي هذه التطورات القضائية في وقت تشهد فيه العلاقات بين فرنسا والجزائر توترًا متزايدًا، في ظل خلافات حول ملفات الهجرة، وترحيل الجزائريين غير النظاميين، وقضية توقيف الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الذي أثار سجنه بتهمة “الإرهاب” ردود فعل غاضبة داخل الأوساط الحقوقية والثقافية الفرنسية.
ويحذّر مراقبون من أن القضية قد تشعل مواجهة دبلوماسية مفتوحة، خاصة مع ورود اسم موظف دبلوماسي جزائري في قائمة المتهمين، في انتهاك قد يُصنف دوليًا على أنه “عمل عدائي” على أرض دولة ذات سيادة.
قمع عبر الحدود: فضيحة دولية للنظام الجزائري
تفضح هذه الحادثة توجه النظام الجزائري نحو “تصدير القمع”، بعد أن ضاقت به السجون داخليًا، فبات يلاحق معارضيه في الخارج عبر شبكات استخباراتية ووسائل عنيفة. ويرى متابعون أن هذا النهج يترجم سياسة ترهيب لا تعترف بالحدود، وتحمل في طياتها خطرًا على الأمن الأوروبي، وتجعل من الجزائر موضع مساءلة أمام المنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية.