البيان الأميركي حول الصحراء المغربية: دعم ثابت وموقف يحسم معادلة النزاع
بوشعيب البازي
يحمل البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، يوم الثلاثاء 8 أبريل الجاري، عقب اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو ونظيره المغربي ناصر بوريطة في واشنطن، دلالة تاريخية على مسار تطور ملف الصحراء المغربية. فقد شكّل البلاغ اختراقًا لملف النزاع، بتأثير سياسي دولي بارز.
ليست المرة الأولى التي تؤكد فيها الولايات المتحدة دعمها لمغربية الصحراء، إذ سبق للرئيس السابق دونالد ترامب أن عبّر عن ذلك رسميا في رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل أكثر من أربع سنوات. وقد حافظت إدارة الرئيس جو بايدن على هذا الموقف، مؤكدة أنه لا يخضع للتجاذبات بين الديمقراطيين والجمهوريين، بل أصبح من ثوابت السياسة الخارجية الأميركية.
تبني واشنطن لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره قاعدة واقعية وعملية للتسوية السياسية، ليس أيضًا بجديد، بل هو امتداد لرؤية أميركية طويلة الأمد لملف معقد تشوبه توترات تهدد استقرار منطقة استراتيجية تجمع بين شمال أفريقيا، حوض المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء.
في المقابل، تواجه الجزائر اليوم عزلة جغرافية تزداد ضيقًا وعزلة سياسية تتسع، بعدما خسرت جاذبيتها كطرف موثوق به في حسابات المجتمع الدولي.
ترامب، عند مغادرته البيت الأبيض، كان قد أقر بمغربية الصحراء، إدراكًا لحقيقة تاريخية طالما حاولت الجزائر إنكارها عبر نصف قرن من المناورات والحروب غير المعلنة ضد المغرب. واليوم، مع عودة ترامب المحتملة، تتغير معادلات القوة العالمية، فيما تظل السياسة الأميركية تجاه النزاع أكثر وضوحًا وحسمًا.
البيان الأميركي الأخير لم يكتفِ بإعادة التأكيد على مغربية الصحراء، بل دعا إلى التحرك العملي نحو الحل، معتبرًا أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو “الحل الوحيد الممكن”، وداعيًا الأطراف المعنية إلى الانخراط الفوري في مفاوضات ضمن الإطار المغربي. هذه اللهجة الحازمة تمثل تطورًا نوعيًا في الموقف الأميركي، الذي بات يضغط من أجل تسريع العملية الدبلوماسية وإخراجها من حالة الجمود الأممي الطويلة.
على الجانب الآخر، الجزائر، التي أفرطت في معاداة المغرب، صعدت مؤخرًا من مواقفها العدائية تجاه جيرانها، مستفزة مالي وتحالف دول الساحل والصحراء، بل وأغلقت مجالها الجوي وسحبت سفراءها من مالي والنيجر، مما ساهم في تعميق عزلتها الإقليمية، حتى مع شركائها التقليديين مثل روسيا.
رغم اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، اختارت الجزائر سياسة “التهدئة” مع الإدارة الأميركية، متجاهلة الاعتراف ووصفته بـ”نزوة ترامب”. غير أن محاولاتها للتقرب من بايدن وتقديم الجزائر كشريك استراتيجي في شمال أفريقيا لم تُفلح. فعودة ترامب إلى المشهد أربكت حساباتها، وجاء الرد الأميركي واضحًا في البيان الرسمي: دعم لا مشروط للمغرب، وحصر الحل في مقترح الحكم الذاتي المغربي.
الرد الجزائري جاء دبلوماسيًا متحفظًا؛ اكتفت الخارجية الجزائرية بالإعراب عن “الأسف”، مدركة أنها لا تملك اعتراضًا فعليًا يُغير من واقع الحال شيئًا.
كما أشرت سابقًا، يبقى اختيار المغرب للحكم الذاتي كحل للنزاع أحد أنضج القرارات السياسية، التي تنسجم مع حقه التاريخي والسيادي، وتفتح آفاق الاستقرار والسلم في المنطقة. ولم يعد أمام الجزائر سوى خيار الامتثال للواقع الجديد.