رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية الفرنسي: حقوق الإنسان على المحك في العلاقات مع الجزائر
سومية العلكي
بمناسبة زيارة جون نويل بارو إلى الجزائر، وجهت ثلاث منظمات تمثل الجالية الجزائرية في فرنسا رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية الفرنسي، تطالبه بوضع حقوق الإنسان في صلب أي إعادة صياغة للعلاقات بين باريس والجزائر.
بينما يستعد الوزير الفرنسي للقاء السلطات الجزائرية الأحد، في إطار استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تحركت منظمات ريبوست أنترناسيونال، ومن أجل بديل ديمقراطي في الجزائر، وثورة الابتسامة، لدعوة فرنسا إلى عدم التضحية بالمبادئ الأساسية تحت ذريعة تطبيع العلاقات.
كما في عام 2022 مع زيارة إيمانويل ماكرون، تعيد هذه المنظمات تسليط الضوء على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، حيث باتت العدالة والكرامة مجرد ذكريات في أرض الشهداء.
بوعلام صنصال: حالة رمزية أم استثناء؟
من أبرز الحالات التي أثارت انتباه الرأي العام الفرنسي، الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الذي اعتُقل بشكل تعسفي في نوفمبر الماضي. كشفت قناة فرانس 2 أن السلطات الجزائرية طلبت تسليم معارضين جزائريين مقيمين في فرنسا، مثل أكسل بلعباسي، مقابل الإفراج عن صنصال، وهو ابتزاز رفضته باريس بشكل قاطع.
ورغم التعبئة الكبيرة التي خلفها اعتقال صنصال في الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية الفرنسية، حذرت المنظمات من أن هذا التضامن لا يجب أن يحجب معاناة أكثر من 250 معتقل رأي آخرين يقبعون في السجون الجزائرية، كثير منهم مزدوجو الجنسية، وغالبًا ما يتم تجاهل قضيتهم.
الجزائر تغرق أكثر في الاستبداد
الرسالة المفتوحة رسمت صورة قاتمة عن الجزائر، معتبرة أنها أصبحت “سجناً مفتوحاً”، حيث حرية التنقل مقيدة، والمواطنون يمنعون من مغادرة البلاد أو العودة إليها بقرارات إدارية تعسفية دون مبرر قانوني.
ولفتت الرسالة إلى أن المؤيدين للنظام يستطيعون السفر بحرية، بينما يُمنع المنتقدون من مغادرة البلاد، مما يدفعهم إلى التخلي عن قناعاتهم السياسية مقابل حقهم في الحركة.
لم تقتصر الانتقادات على التضييق على حرية التنقل، بل شملت أيضاً تعديلات قانونية تهدف إلى خنق الحريات النقابية والجمعوية والإعلامية والثقافية. وأكدت المنظمات أن هذه السياسة القمعية ليست مجرد تجاوزات فردية، بل جزء من خطة مدروسة بدأت مع حراك 2019 وتصاعدت في 2021 عبر سن ترسانة من القوانين القمعية.
دعوة إلى سياسة فرنسية مسؤولة
في ختام الرسالة، دعت المنظمات السلطات الفرنسية إلى انتهاج دبلوماسية جديدة مع الجزائر، قائمة على الاحترام المتبادل والشفافية والمساءلة، بعيدًا عن المجاملات السياسية ومزايدات الذاكرة.
وأكدت أن أي مستقبل مشترك بين فرنسا والجزائر لا يمكن أن يُبنى دون التزام صريح بحقوق الإنسان، لأن تجاهل تدهور الأوضاع الداخلية في الجزائر سيؤدي فقط إلى مزيد من الهجرة، اليأس والانغلاق، ما يُهدد فرص أي عملية ديمقراطية حقيقية.
واختتمت الرسالة بالتأكيد أن الجزائر بحاجة إلى التزام حقيقي بانتقال ديمقراطي، محذرة من أن البديل سيكون السجن أو المنفى لمواطنيها. فرنسا، وفق المنظمات، لم يعد بإمكانها أن تغض الطرف عن هذا الواقع.