تتزايد الأسئلة حول مصير 13,3 مليار درهم التي تم صرفها لدعم مستوردي اللحوم الحمراء، في وقت لا يظهر فيه أي تأثير إيجابي على حياة المواطن المغربي. هذا الوضع استنكره نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي لم يتردد في التأكيد على أن هذه المبالغ الهائلة لم تنعكس على جيب المواطن ولا على أسعار اللحوم، بل تسببت في إهدار المال العام لصالح قلة من المستوردين.
وفقًا للبيانات الرسمية التي استند إليها بنعبد الله، فإن هذه الأموال الضخمة التي تم تخصيصها لدعم استيراد الأبقار والأغنام خلال الفترة من 2022 إلى 2024 لم تحقق الهدف المنشود. حيث يبدو أن الحكومة قد خفَّضت الرسوم الجمركية على الاستيراد بشكل غير مبرر، دون أن يتلمس المواطن أي تحسن في الأسعار أو توفر اللحوم بأسعار معقولة. هذا الأمر شكل مصدرًا للانتقادات الحادة من قبل العديد من السياسيين والخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا أن هذا الإجراء قد يكون مجرد دعم غير مباشر لمصالح فئة معينة من المستوردين.
تتوزع الأرقام الصادمة التي كشف عنها بنعبد الله كما يلي: بين أكتوبر 2022 وديسمبر 2024، تم إعفاء مستوردي الأبقار من 7,3 مليار درهم من رسوم الاستيراد، بينما خسرت خزينة الدولة 744 مليون درهم من عائدات الضريبة على القيمة المضافة على تلك الصفقات. وعلى الرغم من هذه التسهيلات المالية، تم استيراد 120 ألف رأس فقط، ما يثير التساؤلات حول جدوى هذه السياسات.
أما في ما يخص الأغنام، فقد كان الوضع مشابهًا؛ حيث تم التخلي عن 3,86 مليار درهم من رسوم الاستيراد و1,16 مليار درهم من الضريبة على القيمة المضافة بين فبراير 2023 وأكتوبر 2024. ورغم هذه الإعفاءات، لم تشهد الأسواق أي انخفاض في أسعار اللحوم، بل ظلت الأسعار ترتفع بينما تصاعدت معاناة المواطن المغربي.
المفاجأة الكبرى جاءت عندما أعلنت الحكومة عن دعم إضافي بمناسبة عيد الأضحى 2024، حيث تم منح 500 درهم لكل رأس من 474,312 رأس غنم مستوردة، مما كلف خزينة الدولة 237 مليون درهم، دون أن يكون لذلك أي أثر يذكر في تحسين وضع الأسر المغربية أو تخفيف عبء الأسعار المرتفعة.
كل هذه المعطيات تشير إلى أن المبالغ الضخمة التي تم إنفاقها لم تحقق أي نتائج ملموسة، بل كانت مجرد أداة أخرى لإثراء قلة من المستوردين على حساب المواطن. والمثير للدهشة هو صمت الحكومة المطبق، الذي يزيد من الشكوك حول وجود محاباة أو سوء تدبير للمال العام. ففي الوقت الذي يعاني فيه المغاربة من ارتفاع الأسعار، تجد الحكومة نفسها غير قادرة على تقديم أي تفسير مقنع لهذا الفشل الذريع.
لقد أصبحت هذه القضية بمثابة القشة التي قد تقود إلى انهيار ثقة المواطنين في الحكومة، ما يطرح ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية وتوجيه الدعم بشكل يحقق الفائدة العامة، ويقلل من تأثيراته السلبية على الطبقات الهشة.