فضيحة الاتجار بالبشر بمراكش: أب وابنه في قبضة العدالة

حنان الفاتح

في تطور مثير، أودع قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بمراكش، أول أمس السبت، متهمين في قضية شائكة تتعلق بالاتجار بالبشر، حيث تم وضع أب وابنه رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن “لوداية” بمراكش، وذلك بعد اتهامهما بالاستغلال القسري للعمال وممارسات شبيهة بالرق من خلال احتجاز شخص وتعرضه للتعذيب. القضية التي تفجرت إثر اكتشاف مروع، تشير إلى أن الضحية، الذي يعاني من إعاقة ذهنية، تعرض لأبشع أنواع الاستغلال في ضيعة بمنطقة حربيل.

تعود تفاصيل القضية إلى خمس سنوات مضت، حيث جلب المتهمان الشاب من الجنوب الشرقي للمغرب للعمل في ضيعتهما الواقعة في ضواحي مراكش، ولكن ما لبث أن وقع ضحية لاحتجاز قسري ومعاملة وحشية. فقد ظل الشاب محجوزًا في الضيعة لمدة تقترب من خمس سنوات، حيث تعرض للعمل الشاق، التعذيب، التهديد، وأشكال أخرى من الاستعباد، وهو ما خلف له آثارًا نفسية وجسدية بالغة.

تفاقمت هذه القضية بعد نشر تدوينة على الإنترنت لفتت انتباه أحد أفراد عائلة الضحية، الذي شك في أن الأمر قد يتعلق بشقيقه المختفي منذ فترة طويلة. وقد قرر هذا الأخير التوجه إلى مراكش للتحقق من صحة ما ورد في التدوينة، وبعد جهود مضنية، تمكن من تحديد مكان الضحية في الضيعة وتأكد من كونه شقيقه المفقود. على إثر ذلك، تواصل مع محامي الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام، الذي تدخل بسرعة لإنقاذ الضحية.

وفي خطوة حاسمة، انتقلت عناصر الدرك الملكي التابعة لتامنصورت إلى الضيعة، حيث اكتشفت الوضع المأساوي للضحية الذي كان يعاني من كدمات وحروق في جسده نتيجة التعذيب، إضافة إلى كسور لم يتم علاجها، مما أدى إلى إعاقات حركية له. وقد أظهرت التحريات أن المتهمين استغلوا حالة الضحية الضعيفة وأرغموه على القيام بأعمال شاقة، في ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من الإنسانية.

من جانبه، أكد عبد الإله طاطوش، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام، في تصريح لـ”الصباح” أن عناصر الدرك الملكي قامت بعملها على أكمل وجه، حيث تم تحرير الضحية من قبضة المتهمين، ثم عرضوه على طبيب شرعي الذي وثق تعرضه للتعذيب، وأثبت التقرير الطبي الإصابات الجسدية والنفسية التي لحقت به. وقد تمت إحالة التقرير على النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.

وفي تطور لاحق، تم وضع الأب وابنه رهن الحراسة النظرية منذ الجمعة الماضية، ليتم إحالتهما، أول أمس، على الوكيل العام للملك في مراكش، حيث تم توجيه مجموعة من التهم لهما تشمل الاتجار بالبشر، الاستغلال القسري، والاعتداء الجسدي، من بين تهم أخرى خطيرة.

القضية سلطت الضوء على واقع مرير يعاني منه العديد من الأفراد الذين يُستغلون في ظروف شبيهة بالعبودية، وأكدت على ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة هذه الظواهر وحماية حقوق الأفراد، خاصة ذوي الإعاقات الذين يكونون أكثر عرضة للاستغلال.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: