التعيينات الملكية بالمغرب: تعزيز الكفاءة وضخ دماء جديدة في المؤسسات الدستورية
بوشعيب البازي
شهد المغرب، في إطار الدينامية الإصلاحية التي يقودها الملك محمد السادس، سلسلة من التعيينات الجديدة على رأس عدد من المؤسسات الدستورية، حيث تم التركيز على معايير الكفاءة والخبرة بهدف تعزيز الحكامة الجيدة وإعطاء دفعة جديدة لأدوار هذه المؤسسات في مسار التنمية. وأعلن الديوان الملكي المغربي عن تعيين مجموعة من الشخصيات المعروفة بكفاءتها وخبرتها في مواقع قيادية داخل مؤسسات دستورية مهمة، تأكيدًا على التوجه نحو تعزيز الفاعلية المؤسساتية وتجويد أدائها بما يتماشى مع مقتضيات الدستور ومتطلبات المرحلة. وشملت هذه التعيينات كلًّا من عبدالقادر اعمارة، الوزير السابق، رئيسًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومحمد بنعليلو رئيسًا للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وحسن طارق رئيسًا لمؤسسة وسيط المملكة، وذلك في سياق الجهود المستمرة لتحديث البنية المؤسساتية للدولة، بما يضمن أداءً أكثر كفاءة لهذه الهيئات، من خلال استقطاب شخصيات ذات خبرة كبيرة في المجالات التي تُشرف عليها.
يرى المراقبون أن هذه التعيينات راعت التوازن بين الشخصيات ذات الخلفيات السياسية المختلفة والكفاءات التكنوقراطية، مما يعزز الطابع العملي والبراغماتي لهذه المؤسسات، فقد تم الجمع بين شخصيات ذات توجهات سياسية متباينة، مثل حسن طارق الذي يحمل خلفية يسارية، وعبدالقادر اعمارة المعروف بانتمائه الإسلامي، إلى جانب محمد بنعليلو، الخبير القانوني والتكنوقراطي في مجال القضاء. وفي هذا السياق، صرّح عمر الشرقاوي، أستاذ القانون العام، بأن هذه التعيينات جاءت بعد انتهاء مدة انتداب الرؤساء السابقين، وتهدف إلى ضخ طاقات جديدة تعزز من أدوار المؤسسات الدستورية في الحكامة الرشيدة ومحاربة الفساد.
تواجه المؤسسات المعنية مجموعة من التحديات، إذ يُنتظر من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحت قيادة عبدالقادر اعمارة أن يلعب دورًا أكثر فعالية في تقديم الاستشارات حول القضايا التنموية الكبرى، وتعزيز آليات الحماية الاجتماعية، والشباب، والحوار الاجتماعي، بالإضافة إلى البحث عن حلول مبتكرة للحد من التفاوتات المجالية. أما الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فمهمتها الأساسية ستكون تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد من خلال استراتيجيات وقائية واستباقية، وهو ما يتطلب تعاونًا وثيقًا مع مختلف المؤسسات والجهات القضائية، وهي المهمة التي سيقودها محمد بنعليلو بفضل خبرته الواسعة في المجال القانوني والقضائي. في المقابل، ستواصل مؤسسة وسيط المملكة دورها في الوساطة بين المواطنين والإدارة، وتحسين علاقات التواصل بين الدولة والمجتمع، خاصة مع تزايد عدد ملفات التظلم، ويتوقع أن يساهم حسن طارق في تطوير عمل المؤسسة من خلال توسيع مفهوم الوساطة ليشمل الحوار الاجتماعي وحل النزاعات.
يرى المحللون أن هذه التعيينات تأتي ضمن رؤية ملكية واضحة تهدف إلى تقوية المؤسسات الدستورية وتعزيز استقلاليتها وضمان فعاليتها في الاستجابة لتطلعات المواطنين، ويؤكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن هذه التعيينات تأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والتنوع بهدف دعم مسار الإصلاحات الهيكلية التي يشهدها المغرب، وإضفاء ديناميكية جديدة على عمل هذه المؤسسات، وفي هذا السياق، أكد بيان الديوان الملكي أن هذه التعيينات تجسد العناية الخاصة التي يوليها الملك محمد السادس لهذه الهيئات باعتبارها مؤسسات مستقلة تلعب دورًا حيويًا في تعزيز الحكامة الجيدة ودعم مسار التنمية والإصلاحات الكبرى بالمملكة