الخيانة عبر تيك توك: صراعات لا تنتهي تحت شعار الدفاع عن الوطن

بوشعيب البازي

تحوّلت منصة تيك توك، التي بدأت كمجرد فضاء للترفيه والتواصل، إلى ساحة معارك افتراضية حول الوطنية والخيانة، حيث يبدو أن الجميع يدافع عن الوطن، ولكن في الوقت نفسه، الجميع يخوّن الجميع! مشهد سريالي لا يكاد يصدّق، حيث تنقسم الجبهات وتشتعل المواجهات، وكأن الوطنية أصبحت سلاحًا يُشهر في وجه الآخر بدلاً من أن تكون قيمة جامعة.

على تيك توك، ترى مغاربة يتهمون مغاربة آخرين بعدم الوطنية، والآخرون يردّون بالمثل، وكأن الوطنية أصبحت امتحانًا يوميًا يُجرى عبر البث المباشر والتعليقات الحادة. كل طرف يضع نفسه في موقع القاضي، يصدر الأحكام ويقرر من هو الوطني الحقيقي ومن هو “الخائن”، في مشهد يختلط فيه الحماس بالعدوانية، والمبدأ بالهوى الشخصي.

الغرابة ليست فقط في هذا الصراع المستمر، بل في الطريقة التي تغيّر بها مفهوم الدفاع عن الوحدة الترابية. فبدلاً من النقاش الهادئ والعقلاني، أصبح الأمر يشبه معركة مفتوحة، حيث ينهال السبّ والتجريح على أي شخص يختلف في أسلوبه أو في نظرته للأمور. الدفاع عن الوطن لم يعد كما كان، بل تحوّل إلى مزايدة ومنافسة في إظهار الولاء، حتى لو كان ذلك عبر صراعات بلا جدوى.

في النهاية، التيك توك لا يصنع وطنيين ولا يخوّن أحدًا، لكنه يكشف عن واقع جديد، حيث أصبح الفضاء الرقمي ميدانًا للصدامات بدلاً من أن يكون وسيلة لتوحيد الصفوف. الوطنية لا تحتاج إلى إثبات عبر الشاشات أو بث مباشر مليء بالمشاحنات، بل هي سلوك يومي ومواقف صادقة لا تحتاج إلى ضجيج المنصات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: