إدمان تيك توك: هوس رقمي أم بطالة مقنعة؟

بوشعيب البازي

في عصر التكنولوجيا والانترنت، لم يعد مستغربًا أن نجد أشخاصًا يقضون ساعات طويلة على منصات التواصل الاجتماعي، ولكن الظاهرة التي لفتت الانتباه مؤخرًا هي تواجد بعض الأشخاص على تيك توك لساعات متواصلة، صباحًا ومساءً، حتى أصبحوا وكأنهم عالقون في دوامة لا تنتهي من البث المباشر والنقاشات العقيمة.

هل هو فراغ أم بطالة؟

السؤال الذي يطرح نفسه: هل هؤلاء الأشخاص بلا عمل، أم أنهم وقعوا ضحية البطالة؟ من الملاحظ أن بعضهم يبدأ يومه مع الخامسة صباحًا ولا يغادر المنصة حتى ساعات متأخرة من الليل. فمن يطهو لهم؟ من يعيلهم؟ هل هم فعلاً قادرون على إدارة حياتهم أم أنهم أصبحوا أسرى لهذه العوالم الافتراضية؟

البعض قد يكون عاطلًا عن العمل، ووجد في تيك توك وسيلة لقضاء الوقت، بينما آخرون ربما يعتبرون أنفسهم “صانعي محتوى”، رغم أن المحتوى الذي يقدمونه لا يتعدى كونه جدالات تافهة وصراعات كلامية لا تضيف أي قيمة للمجتمع.

إدمان رقمي خطير

ما نراه اليوم هو صورة واضحة للإدمان الرقمي، حيث لا يستطيع البعض الابتعاد عن التطبيق، وكأنهم يخشون مواجهة الواقع. هذا الإدمان لم يعد مجرد “تسلية”، بل تحول إلى مرض حقيقي يجعلهم ينسون حتى أبسط مسؤولياتهم اليومية.

الغريب في الأمر أن هؤلاء لا يدركون أن العمر يمضي، وأن الوقت الذي يضيعونه في “بث مباشر” بلا هدف كان من الممكن استثماره في تطوير الذات، تعلم مهارة جديدة، أو حتى البحث عن فرص عمل حقيقية. لكنهم يفضلون الهروب إلى العالم الافتراضي، حيث يمكنهم الظهور والتحدث، ولو لم يكن لديهم شيء يُقال.

هل سيحملون هواتفهم إلى القبور؟

الطريف في هذه الظاهرة أن بعض هؤلاء الأشخاص أصبحوا يعيشون وكأن حياتهم متصلة بالإنترنت فقط، وكأنهم لا يدركون أن هناك حياة حقيقية تنتظرهم خارج الشاشات. ماذا بعد؟ هل سيصل بهم الحال إلى المطالبة بهواتف وتطبيقات حتى في قبورهم ليستمروا في نشر تفاهاتهم من العالم الآخر؟

في النهاية، لا يمكننا إنكار أهمية التكنولوجيا ووسائل التواصل، لكن عندما تتحول إلى هوس يستهلك حياة الإنسان بالكامل، تصبح كارثة حقيقية. والسؤال الذي يجب أن يطرحه كل شخص على نفسه: هل أنا أعيش حياتي، أم أنني مجرد عبد لشاشة الهاتف؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: