لم يعد تطبيق تيك توك مجرد فضاء للترفيه أو تبادل المحتوى الإبداعي، بل تحول في بعض زواياه إلى “حمام شعبي رقمي”، حيث تندلع المشادات الكلامية بين النساء كما لو كنّ في أزقة الأسواق أو داخل حمامات الأحياء الشعبية بالمغرب. وكما كانت النساء في الماضي يتجادلن وسط بخار الماء الساخن، أصبحت اليوم هذه النزاعات تبث على المباشر أمام الآلاف من المتابعين.
من النقاش إلى الصراع العلني
في السابق، كان المحتوى النسائي على تيك توك يركز على مواضيع مثل الجمال، الطبخ، ونمط الحياة، لكن مع مرور الوقت، بدأت بعض المؤثرات في الدخول في نزاعات مباشرة، غالبًا بسبب الغيرة، المنافسة، أو حتى لأغراض رفع نسب المشاهدة وزيادة المتابعين. هذه المشاحنات لم تبقَ حبيسة التعليقات أو الفيديوهات القصيرة، بل تحولت إلى حروب كلامية متواصلة تصل أحيانًا إلى التهديدات والتشهير.
حروب منصات… أم عصابات رقمية؟
الأمر لم يعد مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل أصبح أقرب إلى “عصابات رقمية” حيث نجد أن كل مؤثرة تحظى بجمهور مخلص، يهاجم أي طرف آخر ينتقدها. هؤلاء المتابعون يتحولون إلى ما يشبه “جيش إلكتروني” يدافع عن صانع المحتوى المفضل لديهم، ويشن هجمات على الخصوم، تمامًا كما يحدث في الصراعات بين العصابات.
رغم أن هذه الظاهرة تثير الجدل والاستنكار، إلا أنها تكشف عن تحولات عميقة في طريقة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ربما يكون الحل في تعزيز ثقافة النقاش الهادف واحترام الرأي الآخر، مع فرض رقابة أكثر صرامة على المحتوى الذي يروج للعنف اللفظي والتنمر.
تحولت “حمامات التيك توك” إلى مشاهد صاخبة أشبه بميادين الصراعات، حيث طغى الصخب على الإبداع، وغابت المواضيع المفيدة وسط سحب الدخان المنبعثة من المعارك الكلامية. فهل سنشهد قريبًا نهاية لهذه الظاهرة، أم أن هذه المشاحنات ستظل جزءًا من المشهد الرقمي إلى أجل غير مسمى؟