لا تزال ظاهرة تجنيد الأطفال في مخيمات تندوف تثير قلقًا واسعًا لدى المنظمات الحقوقية الدولية، حيث يُعتبر هذا السلوك انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الطفل، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة. هذه الممارسات لا تحرم الأطفال من حقوقهم الأساسية مثل التعليم والعيش في بيئة آمنة فحسب، بل تجعلهم أيضًا ضحايا للاستغلال العسكري والسياسي.
حذرت المنظمة الأفريقية لحقوق الإنسان من خطورة استمرار تجنيد الأطفال في المخيمات، مشددة على الحاجة إلى تحرك عاجل من المجتمع الدولي، خاصة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لوضع حد لهذه الانتهاكات. كما دعت إلى فتح تحقيق دولي مستقل لمحاسبة المتورطين في تجنيد القُصّر وتقديمهم للعدالة.
بدوره، أطلق المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال نداءً عالميًا لوقف هذه الممارسات، داعيًا إلى تعبئة الجهود من أجل إعادة الأطفال المجندين قسرًا إلى بيئتهم الطبيعية، وضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية في التعليم والحماية والرعاية.
أكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن الأطفال في مخيمات تندوف يُجبرون على الالتحاق بمدارس عسكرية صارمة، حيث يخضعون لتدريبات قاسية ويتعرضون لعقوبات مشددة، بالإضافة إلى تلقينهم أيديولوجيات متطرفة تحرض على العنف والكراهية. كما أشار إلى عزل الأطفال عن أسرهم وإجبارهم على القيام بأعمال السخرة داخل هذه المؤسسات.
من جانبه، وصف بيدرو إغناسيو ألتاميرانو، رئيس مؤسسة ألتاميرانو، مخيمات تندوف بأنها مراكز احتجاز غير قانونية، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل لحماية حقوق الأطفال والمقيمين في هذه المخيمات.
دعت العديد من المنظمات غير الحكومية، من بينها “ماتقيش ولدي”، إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في هذه الجرائم، مع تقديم المسؤولين عن تجنيد الأطفال إلى المحكمة الجنائية الدولية، نظرًا لكون تجنيد القُصّر جريمة حرب بموجب القوانين الدولية.
تتزايد الضغوط على الجزائر، باعتبارها المسؤولة عن إدارة المخيمات، لتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، خاصة مع استمرار القيود على وصول المنظمات الدولية إلى المخيمات. وفي هذا السياق، أكد عبدالوهاب الكاين، رئيس المنظمة الأفريقية لمراقبة حقوق الإنسان، أن الجزائر تواصل حماية قيادة البوليساريو من أي مساءلة قانونية، ما يُعرقل جهود إنهاء هذه الانتهاكات.
إن استمرار تجنيد الأطفال في مخيمات تندوف يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لكبح هذه الممارسات، وإيجاد حلول مستدامة تضمن حماية الأطفال وتأمين مستقبلهم بعيدًا عن الاستغلال العسكري والسياسي. إن الوقت قد حان لمساءلة المتورطين واتخاذ إجراءات حاسمة لضمان حقوق الأطفال في بيئة آمنة ومستقرة.