الجزائر وتغيير النقاش المغربي عبر تيكتوك: محاولة يائسة لطمس الحقائق التاريخية

بوشعيب البازي

في خطوة تكشف عن قلق النظام الجزائري من تنامي الوعي التاريخي بين مواطنيه، تعمل الجزائر بشكل ممنهج على تغيير مسار النقاشات التي يقودها المغاربة داخل منصات التواصل الاجتماعي، خاصة على تيكتوك، حيث أصبح المغاربة يدرّسون التاريخ الجزائري للجزائريين بالمجان، مقدّمين لهم حقائق تاريخية مغايرة لتلك التي روجت لها المؤسسات الجزائرية لعقود.

برزت منصات مغربية مثل إلياس والملكة كمصادر موثوقة للجزائريين الباحثين عن تاريخهم الحقيقي، بعيدًا عن السرد الرسمي الذي فرضه النظام. هذه المنصات لم تقتصر على تقديم روايات تاريخية، بل أصبحت “مدرسة لمن لا مدرسة له”، ما جعلها في مرمى الاستهداف اليومي من قبل الجهات الجزائرية، التي ترى فيها تهديدًا مباشراً لخطابها الرسمي.

من بين القضايا التي تم فضحها على هذه المنصات قضية الضباط الجزائريين الذين تم إعدامهم بقرارات رسمية، وهو الملف الذي أعاد للواجهة بعد الاستعراض العسكري الذي كلّف الجزائر ملايين الدولارات، لكنه لم ينجح في إخفاء هذه الحقائق عن الجزائريين. ومع فشل محاولاتها في توجيه النقاش نحو قضايا أخرى، حاولت الجزائر صرف الانتباه عبر اتهام المغرب بـ”التطبيع” ومحاولة التشكيك في هويته الدينية.

لكن التناقض الواضح في المشهد الجزائري فضح أكثر مما حاول النظام التستر عليه، حيث تحولت صلاة التراويح في المساجد الجزائرية إلى استعراض عسكري، مع فرض الزي الرسمي على الصفوف الأمامية، في مشهد غريب لا يمتّ للروحانية بصلة. ففي جميع دول العالم، يتولى إمام واحد إمامة صلاة التراويح، كما هو الحال في مسجد الحسن الثاني بالمغرب حيث يؤم الشيخ القزابري المصلين، بينما في الجزائر، يتناوب على صلاة التراويح أكثر من أربعة أئمة، ما يثير تساؤلات حول غياب الأئمة الحافظين للقرآن أو الكفاءات الدينية القادرة على تأدية هذه الشعيرة كما هو معتاد في الدول الإسلامية.

إضافة إلى ذلك، شهدت المساجد الجزائرية بدعة جديدة عبر وضع أشرطة لعزل الصفوف الأولى عن الثانية، وهي ممارسة غير معهودة في العالم الإسلامي. هذا كله يعكس محاولة الجزائر لإعادة تشكيل هويتها الدينية بطريقة مصطنعة، وهو ما دفع الجزائريين إلى البحث في المصادر المغربية للتحقق من صحة ما يُروَّج لهم.

ومع تزايد تأثير المنصات المغربية، بدأت الجزائر باستخدام وسائل أكثر عدوانية لإسكاتها، من خلال تجنيد أفراد مغاربة لضرب المنصات المغربية وتشويه صورتهم. وقد لجأت إلى استقطاب شخصيات مغربية في الخارج لتوجيه انتقادات للمغاربة و مقدساتهم مقابل دنانير معدودة، في محاولة يائسة لإثارة الانقسامات داخل المجتمع المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولأول مرة، تلعب الجزائر بورقة مغربية لضرب المغاربة أنفسهم، بعدما سبق لها أن جندت شخصيات غير مغربية، مثل السوري سقراط الذي حاول خلق صراع بين العشائر السورية، ثم الفلسطيني أبو وردة، إضافة إلى شخصيات أخرى مثل أبو زيد الذي كان يوظَّف فقط لمهاجمة المغرب. ومع ذلك، فإن هذه المحاولات لم تفلح في وقف الزخم المغربي على تيكتوك، حيث أثبت المغاربة، رغم أنهم غير مؤطرين ولا مدعومين من مؤسسات رسمية، أنهم قادرون على المواجهة بدافع التامغرابيت، وهي الهوية الوطنية التي تحولت إلى كابوس بالنسبة للنظام الجزائري.

في هذا السياق، ظهر التيكتوكرالمدعو عبد الله الروكان، محاولًا الترويج لمصطلح التامخرابيت في محاولة لتشويه التامغرابيت، مستغلًا أفكارًا مشابهة لما تروج له الجزائر، حتى أنه ظهر على قناة إخبارية جزائرية يصف المغاربة بـ”الدباب الإلكتروني”.

ولم تتوقف المحاولات الروكانية عند هذا الحد، بل سعت إلى تطبيع سب المقدسات المغربية داخل المنصات الرقمية، محاولة جعل الأمر مقبولًا وعاديًا لدى المغاربة . كما لجأت إلى التلاعب بالرموز الوطنية، عبر تغيير لون العلم المغربي من الأحمر إلى الأبيض بنجمة خضراء، في محاولة لربطه بحالات الاضطهاد المزعومة داخل المغرب.

في النهاية، يبدو أن النظام الجزائري بات في مأزق، حيث لم تعد الدعاية الرسمية كافية لإقناع الجزائريين، الذين باتوا يلجؤون إلى المصادر المغربية لفهم تاريخهم وهويتهم الحقيقية، وهو ما يفسر الحملة المكثفة التي تقودها الجزائر لإسكات الأصوات المغربية الحرة على منصات التواصل الاجتماعي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: