قائمة سرية فرنسية تستهدف نخبة الجزائر: تصعيد جديد في العلاقات المتوترة

في خطوة قد تزيد من تعقيد العلاقات المتوترة بين الجزائر وفرنسا، كشفت تقارير صحفية عن إعداد الحكومة الفرنسية قائمة سرية تضم 800 شخصية من النخبة الجزائرية الحاكمة، من مسؤولين بارزين في الدولة إلى رجال أعمال مقربين من دوائر صنع القرار. وتهدف هذه القائمة إلى فرض إجراءات مشددة على دخول هؤلاء الأشخاص إلى الأراضي الفرنسية، ما قد يُنظر إليه كإشارة سياسية من باريس تجاه الجزائر.

بحسب موقع “أنتليجنس أونلاين”, فإن وزارة الخارجية الفرنسية أعدت هذه القائمة بغرض تعقيد إجراءات التأشيرة للشخصيات الجزائرية، حيث سيُطلب منهم تقديم وثائق إضافية تبرر سبب زيارتهم لفرنسا. وتأتي هذه الخطوة في سياق توترات دبلوماسية متزايدة بين البلدين، ما يفتح الباب أمام عدة تفسيرات حول نوايا باريس.

يرى محللون أن هذه الخطوة قد تكون محاولة للضغط على الجزائر في ملفات سياسية واقتصادية حساسة، أو حتى رد فعل انتقامي على مواقف الجزائر الأخيرة التي انتقدت السياسات الفرنسية في المنطقة. كما يمكن أن تكون ورقة تفاوضية في إطار إعادة ترتيب العلاقات الثنائية في ظل المستجدات الإقليمية والدولية.

حتى الآن، لم تصدر الحكومة الفرنسية تعليقًا رسميًا حول القائمة، لكن مصادر دبلوماسية أشارت إلى أنها تندرج ضمن سياسة أمنية أوسع، تهدف إلى مراقبة الأشخاص الذين يدخلون الأراضي الفرنسية، خاصة في ظل مخاوف متزايدة بشأن الفساد وغسل الأموال.

على الجانب الجزائري، من المتوقع أن تثير هذه الخطوة ردود فعل غاضبة، نظرًا لحساسية العلاقات بين البلدين، والتي تشهد خلافات تاريخية وسياسية متراكمة. ومن أبرز الملفات الشائكة بين الطرفين قضايا الذاكرة التاريخية المرتبطة بالاستعمار الفرنسي، إلى جانب الملفات الاقتصادية والخلافات الجيوسياسية في المنطقة المغاربية.

تصعيد دبلوماسي متواصل

شهدت الأشهر الأخيرة سلسلة من الإجراءات التصعيدية بين الجزائر وباريس، حيث أعلنت الجزائر في ديسمبر 2024 عن إحباط “مؤامرة استخبارية فرنسية”، متهمة باريس بتجنيد مواطن جزائري كان مقاتلًا سابقًا في تنظيم الدولة الإسلامية. جاء ذلك بعد استدعاء الجزائر لسفيرها من فرنسا في أواخر 2023، في خطوة تعكس مدى التدهور الحاد في العلاقات.

كما تصاعد التوتر بسبب موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية، حيث دعمت باريس الرباط في سيادتها على الإقليم، ما أثار غضب الجزائر، التي ردت بخفض تمثيلها الدبلوماسي مع فرنسا في يوليو 2024 وإلغاء زيارة كانت مقررة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى باريس.

في يناير 2025، استمر التصعيد باعتقال الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال من قبل السلطات الجزائرية، ما أثار انتقادات واسعة في باريس. ولم يقتصر التوتر على الجانب السياسي، بل انعكس أيضًا على العلاقات الاقتصادية، حيث انخفض حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 30% منذ منتصف 2024، كما تم إقصاء الشركات الفرنسية من مناقصات استيراد القمح الجزائرية.

ملامح مواجهة مفتوحة

ردًا على هذه التطورات، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأعضاء حكومته مناقشات حول كيفية التعامل مع ما وصفوه بـ “تصاعد العدائية الجزائرية”. في الوقت نفسه، لعبت وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة في فرنسا دورًا في تأجيج الخطاب المعادي للجزائر، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي بين البلدين.

في ظل هذه المعطيات، تبدو العلاقات الجزائرية – الفرنسية أمام مرحلة مفصلية، حيث لم يعد الخلاف مقتصرًا على القضايا التقليدية المرتبطة بالذاكرة الاستعمارية، بل امتد ليشمل الجوانب الاقتصادية، الأمنية، والجيوسياسية، ما يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: