“الهاربون من تندوف”.. قصص إنسانية عن صمود المغاربة

“الهاربون من تندوف”.. قصص إنسانية عن صمود المغارب

في أحدث إنتاج سينمائي له اختار المخرج المغربي عبدالحق نجيب تصوير حكايات إنسانية من واقع نضال المغاربة بمخيمات تندوف، ومحاولاتهم المستميتة للعودة إلى المغرب مواجهين مخاطر عبور الصحراء.

وقدم المخرج العرض ما قبل الأول لفيلمه الذي أطلق عليه عنوان “الهاربون من تندوف”، مساء الأربعاء، بسينما النهضة في الرباط بحضور إعلاميين وفنانين ونقاد، وذلك بعد أن نظم عرضا سابقا له بالدار البيضاء في نوفمبر الماضي.

ويحكي الفيلم قصصا إنسانية تفضح الفظاعة التي ترتكبها قوات جبهة بوليساريو الانفصالية في حق المحتجزين المغاربة في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، والمحاولات التي يقوم بها هؤلاء من أجل الفرار من هذا السجن الكبير، والعودة إلى أرض الوطن، وفق ما أوضحه مخرجه في تصريحات لوكالة الأنباء المغربية.

 

العمل السينمائي يمثل انخراطا في مسلسل الترافع لفائدة قضية الصحراء المغربية التي تشهد ديناميكية استثنائية بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس
◙ أول عملية إخراجية وتمثيلية لنجيب وهي مغامرة ليست بالهينة

 

ويتعقب هذا العمل السينمائي رحلة خمسة أشخاص (3 رجال وامرأتان) تمكنوا من الفرار من مخيمات تندوف، وخاضوا مغامرة عبر الصحراء في محاولة لبلوغ الوطن الأم بكل ما تتطلبه من صعوبات وما تنطوي عليه من مخاطر ومشاق، قبل أن ينتهي بهم المطاف إلى تحقيق حلم طالما راودهم طيلة عقود من الإبعاد القسري الذي تعرضوا له.

وقال عبدالحق نجيب إن فيلم “الهاربون من تندوف” يسلط الضوء على قصص إنسانية تعكس صمود المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف وتشبثهم بوطنهم الأم، وتفضح أمام العالم مختلف أنواع التعذيب التي يتعرضون لها منذ عقود على يد بوليساريو بدعم من الجزائر.

وأضاف المخرج، وهو أيضا مؤلف الفيلم، أن هذا العمل السينمائي يمثل انخراطا في مسلسل الترافع لفائدة قضية الصحراء المغربية التي تشهد ديناميكية استثنائية بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس.

من جهته أبرز الفنان إدريس الروخ أن هذا الفيلم يمثل تجسيدا بارزا للانخراط القوي للفنان المغربي في الترافع لفائدة قضية الوحدة الترابية للمملكة، ومغربية الصحراء المثبتة بالحقائق التاريخية.

وأوضح  الروخ أن الفيلم يروي قصص مغاربة استنزفوا نفسيا وجسديا وتعرضوا للتعذيب على يد بوليساريو، مضيفا أنه من خلال قصصهم الواقعية “نبرز للعالم فظاعة ممارسات هذه العصابة، وكذلك قدرة المغاربة على البقاء لحمة واحدة.”

وإلى جانب الروخ ونجيب شارك في هذا الفيلم كل من محمد الشوبي وكمال حيمود وياسين عبدالقادر ومحسن مونتكي ومحمد سموكة وكريم أوجيل وإيمان قنديلي وعلياء بن شيخ.

من جانبها كتبت الصحافية المغربية عزيزة حلاق عن العمل قائلة “يُحسب للفيلم أنه يمثل أول تجربة إخراجية وتمثيلية لنجيب، وهي مغامرة ليست بالهينة، خاصة أنها جاءت بإنتاج ذاتي وإمكانيات محدودة، كما أعلن عن ذلك نجيب خلال تقديمه للفيلم وفريق العمل. الإخراج أظهر اجتهادًا واضحًا، سواء في بناء المشاهد أو في خلق أجواء من التوتر والترقب، رغم بعض التحديات التقنية التي ظهرت في بعض زوايا التصوير والإضاءة.”

وتابعت أن “التمثيل جاء في مستوى جيد، إذ نجح الفيلم في تحقيق توازن لافت بين مشاعر الأسرى المليئة بالألم والمعاناة، وبين قسوة السجانين التي جسّدها الممثلون بواقعية صادمة. جاءت تعابير الأسرى محمّلة بالخوف والأمل، بينما ظهر السجانون ببرودة متجردة من الإنسانية، ما عزز التباين الدرامي وأضفى على المشاهد قوة وتأثيرا عاطفيا عميقا.”

ويرى المخرج والمسرحي أيوب العياسي في تقييمه للعمل أنه “فيلم ضد النسيان. فيلم عن الشجاعة الصامتة لعدد قليل من النساء والرجال الذين لم يستسلموا أبدًا. إنه فيلم عن قوة الروح في مواجهة الأسلاك الشائكة والأيديولوجيات القاتلة. وهو فيلم يحيي الذاكرة الجماعية ويعيد النظر في تاريخ المغرب والصحراء والحدود مع الجزائر ومخيمات تندوف والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها بوليساريو. إنه فيلم جريء بأكثر من صورة.”

◙ العمل السينمائي يمثل انخراطا في مسلسل الترافع لفائدة قضية الصحراء المغربية التي تشهد ديناميكية استثنائية بقيادة العاهل المغربي

يشار إلى أن القائمين على الفيلم سينظمون جولة أفريقية لعرضه ابتداء من أبريل المقبل ستشمل العديد من عواصم القارة، بما فيها دكار (السنغال) ولومي (طوغو) وأبيدجان (كوت ديفوار) وكيغالي (رواندا) وأكرا (غانا)، علما أن الفيلم متوفر باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية.

كما يتم العمل حاليا على تنسيق تنظيم جولة مماثلة تشمل إسبانيا وعددا من دول أميركا اللاتينية، من أجل المساهمة في تعزيز تعرية واقع انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، والتعريف بعدالة قضية الوحدة الترابية للمملكة.

وإلى جانب هاتين الجولتين من المنتظر أن يشارك الفيلم في مجموعة من المهرجانات السينمائية على المستوى الدولي، من قبيل مهرجان دبلن السينمائي ومهرجان البحر الأحمر السينمائي.

وعبدالحق نجيب ولد عام 1969 في الدار البيضاء، وهو كاتب وصحافي وناقد فني ومقدم برامج تلفزيونية وسينمائي مغربي، وقد شغل عدة مناصب تحريرية.

وإلى جانب اهتمامه بالسينما والإعلام يكتب عبدالحق الرواية والشعر حيث سبق له أن نشر أكثر من عشر مجموعات شعرية، وأكثر من 30 عملاً فلسفيًا، وأكثر من 10 مؤلفات في الفنون والأدب، و10 روايات، و7 كتب فنية، و6 كتب في العلوم السياسية، نشرت روايته الأولى “أراضي الله” عام 2015، وروايته الثانية بعنوان “ربيع الأوراق المتساقطة” عام 2016، وتوج في عام 2020 بجائزة رجل الثقافة في الوطن العربي من قبل الاتحاد العربي للثقافة.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: