أهاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بالمغاربة إلى عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام، وذلك استحضارا للتحديات المناخية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي أدت إلى تقلص أعداد القطيع الوطني، ومراعاة للقدرة الشرائية للمواطن، وهو ما لقي ترحيبا مغربيا واسعا.
وفي بيان تلاه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق عزا الملك محمد السادس القرار إلى التحديات المناخية والاقتصادية التي أثرت سلبا على الثروة الحيوانية في البلاد، مؤكدا أنه “أخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سُنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود.”
وأعلن العاهل المغربي أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن الشعب المغربي، “اقتداء بسنة النبي المصطفى، عندما ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته.”
وأجمعت الأحزاب السياسية على أن القرار يعكس حرص الملك محمد السادس على تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين والتيسير في إقامة الشعائر الدينية.
وثمّن حزب التجمع الوطني للأحرار قرار أمير المؤمنين الملك محمد السادس، معتبرا أنه “يعكس حرصه على رفع الحرج والضرر عن أمته، والتيسير في إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، ويأتي في ظرفية صعبة تمر بها بلادنا، نتيجة التحديات المناخية والاقتصادية التي تعرفها المملكة بفعل توالي سنوات الجفاف للسنة السابعة على التوالي؛ وهو ما أدى إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية، حيث من شأن هذا القرار أن يساهم في إعادة تشكيل القطيع الوطني.”
من جهته أكد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في بلاغ له، على أن “القرار الملكي يتجاوب بعمق مع تطلعات فئات واسعة من الشعب المغربي التي قابلته بامتنان رفيع، لما يشكله هذا القرار من عناية ملكية معهودة في كل اللحظات الصعبة التي يعيشها شعبه الوفي، خاصة أن القيام بشعيرة الأضحية الدينية في الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبه، لاسيما ذوي الدخل المحدود والفئات الهشة التي تعاني من كل أنواع الخصاص وتتحمل مشاق العيش اليومي.”
ورحب عموم المواطنين المغاربة بقرار الملك محمد السادس، وعبروا في تدوينات على منصات التواصل الاجتماعي عن تقديرهم لهذا القرار الذي يعكس تفاعلا موضوعيا مع الأوضاع الصعبة التي تواجهها الكثير من الأسر، خصوصا في ظل تراجع أعداد القطيع الوطني وتداعيات الجفاف التي أثرت على الكثير من المناطق.
وفي تاريخ المغرب الحديث تعتبر هذه المرة الرابعة التي يتم فيها إلغاء ذبح أضحية العيد بعدما قرر الملك الراحل الحسن الثاني إلغاء هذه الشعيرة ثلاث مرات، بسبب الظروف الاقتصادية.
وأكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن القرار يتأسس على صلاحيات الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين طبقا لنص الدستور وروحه، وهو قرار مدروس ومحكم من حيث التوقيت وسعة النظر والغايات وتحليل الظرفية والمرتكزات الواقعية والشرعية والنهج التواصلي، مع الإبقاء على العيد الكبير كاملا بجميع مظاهره وسننه باستثناء ذبح الأضحية.
وأضاف بودن في تصريح لـه أن “الرسالة تأتي في سياق لا يخفى على أحد يتعلق بأكثر من سبع سنوات من الجفاف الحاد الذي كان موضوعا مطبوعا بالأولوية في مختلف جلسات العمل والخطب الملكية الأخيرة، فضلا عن الظرفية الاقتصادية،” لافتا إلى أن الرسالة تختزن اهتماما بمصلحة المزارع والتاجر وتتضمن عطفا على الفئات ذات الدخل المحدود.
وأكد يوسف الولجة، نائب الكاتب العام لبائعي اللحوم الحمراء بالتقسيط في جهة الدار البيضاء – سطات، أن القرار ستكون له عدة انعكاسات إيجابية، وخاصة منها انخفاض أسعار المواشي واللحوم الحمراء، بعدما عرفت أسواق المواشي صباح الخميس انخفاضا بنسبة 40 في المئة.
وكان وزير الزراعة المغربي أحمد البواري قد أكد في مطلع فبراير الجاري أن قطعان الأبقار والأغنام في المغرب تراجعت بواقع 38 في المئة، مقارنة مع آخر إحصاء أجري قبل تسع سنوات، بسبب موجات الجفاف المتتالية.
وفي هذا الإطار أكد عادل رفوش، المشرف العام والمدير العلمي لمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث والإبداع، أن “القرار الملكي توجيهٌ جاء في توقيته لرفع الحرج عن المسلمين ولسد الباب عن المضاربين، لعل ذلك يخفض الارتفاع المفرط للأسعار ويخفف تداعيات الجفاف، ومن المتوقع أن يخفف القرار أيضا الضغط عن القطيع الوطني.”