خرجة محمد عبد اللطيف الهندوز: أجندات مشبوهة ودبلوماسية زائفة

بوشعيب البازي

أثارت الخرجة الإعلامية الأخيرة لما يسمى بالناطق الرسمي لحركة “مغرب الغد “، محمد عبد اللطيف الهندوز، جدلًا واسعًا بعدما نظم وقفة في باريس لدعم حركة “الماك” التي تطالب باستقلال منطقة القبائل عن الجزائر. هذه الخطوة، التي جاءت في سياق حساس، تطرح العديد من التساؤلات حول الأجندات الحقيقية التي يخدمها الهندوز، لا سيما وأنه يتواجد في فرنسا بصفة غير قانونية.

ما يزيد من الغموض حول تحركات الهندوز هو ارتباطه الوثيق بأشخاص ذوي سوابق قضائية خطيرة. فرئيس حركة “مغرب الغد “، مصطفى عزيز، محكوم عليه بالسجن ست سنوات في المغرب ومطلوب في عدة قضايا، بينما الأمين العام للجمعية هشام جيراندو ا مبحوث عنه في قضايا تشمل التشهير و النصب وسب مقدسات البلاد. هذه المعطيات تجعل من الضروري التساؤل عن مصداقية هذا التحرك السياسي ومدى استقلاليته.

من المفارقات العجيبة أن الهندوز، الذي كان بالأمس القريب يهاجم النظام المغربي وإمارة المؤمنين، عاد اليوم ليظهر بمظهر المدافع عن قضايا يبدو أنها تخدم أجندات مشبوهة.

هذا فعلاقته الوطيدة ببعض المسؤولين الجزائريين والانفصاليين تزيد من الشكوك حول الدور الذي يلعبه، خاصة بعدما حاول مؤخرًا تقديم نفسه كفاعل في “الدبلوماسية الموازية”.

على عكس ما يحاول الهندوز الترويج له، فإن المغرب له موقف واضح وثابت من قضايا الوحدة الترابية، سواء داخليًا أو خارجيًا. فهو يحارب الانفصال بكل أشكاله ويحترم القانون الدولي وسيادة الدول. المغرب، بحكم تاريخه وإيديولوجيته، لطالما كان مدافعًا عن وحدة الشعوب وليس تقسيمها، ويحرص على الاستقرار الإقليمي والدولي بدلًا من تأجيج النزعات الانفصالية.

كما أن الرباط، رغم العداء المستمر من النظام الجزائري ودعمه لجبهة البوليساريو، لم تتعامل بمنطق الانتقام، بل حافظت على مبادئها الراسخة في احترام وحدة أراضي الدول. وقد سبق للمغرب أن دعم استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي، ولم يكن يومًا مصدر تهديد لجيرانه، رغم أن فرنسا اقتطعت أجزاء من أراضيه لصالح الجزائر خلال فترة الاستعمار.

من الواضح أن المغرب يرفض كل الدعوات التي تسعى إلى خلق كيانات جديدة في المنطقة، نظرًا لما قد يترتب عن ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة. الرباط تدرك تمامًا أن ظهور دويلات جديدة في شمال إفريقيا سيؤدي إلى تفاقم الأزمات بدل حلها، وستكون له تأثيرات سلبية تمتد إلى أوروبا والعالم.

المغرب لا يبني سياساته على تصريحات عشوائية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل يعتمد على مؤسساته الرسمية في اتخاذ قراراته وإعلان مواقفه. لهذا، فإن محاولات بعض الأشخاص، مثل الهندوز، لعب دور المتحدث باسم الدبلوماسية المغربية تظل مجرد أوهام لا تمت للواقع بصلة. الدولة المغربية تتعامل مع الشعب الجزائري كشعب شقيق، بغض النظر عن سياسات النظام الحاكم، ولن تنجر إلى لعبة العداء التي يسعى البعض إلى ترسيخها.

يبقى السؤال الأهم: لمن يعمل محمد عبد اللطيف الهندوز؟ وما هي الأجندة التي يسعى إلى تنفيذها؟ تحركاته وتصريحاته المتناقضة، إلى جانب ارتباطاته المشبوهة، تجعل من الضروري توخي الحذر وعدم الانجرار وراء خطابات زائفة لا تمت بصلة للمصالح الحقيقية للمغرب وشعبه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: