استغلال اليد العاملة المغربية من طرف الشركات الأجنبية التي استثمرت في المغرب أصبح واقعًا مؤلمًا يعكس غياب الحماية القانونية للعمال وسوء التفاوض من طرف المسؤولين المغاربة. هذه الشركات، أغلبها أوروبية وصينية، جاءت بحثًا عن تقليل تكلفة الإنتاج، لكنها استغلت الثغرات القانونية وسذاجة بعض المسؤولين الذين وقعوا اتفاقيات تمنحها امتيازات واسعة دون ضمان الحد الأدنى من حقوق العمال المغاربة. هؤلاء العمال يشتغلون في ظروف قاسية، بأجور زهيدة لا تتعدى 10 يوروهات في اليوم، ويعملون 12 ساعة يوميًا دون أي تعويض مناسب، بينما يظل أغلبهم غير مصرح به في الضمان الاجتماعي، مما يحرمهم من التغطية الصحية وحقوق التقاعد. السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف قَبِل المسؤولون المغاربة بهذه الاتفاقيات التي تحول العمال إلى مجرد أدوات إنتاج رخيصة دون أي حماية؟ ضعف التفاوض من طرف المسؤولين المغاربة، وسعي الحكومة لجذب الاستثمارات بأي ثمن، جعلها تقدم تنازلات كبيرة، مثل الإعفاءات الضريبية والتسهيلات العقارية، دون فرض التزامات واضحة تجاه حقوق العمال. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب الرقابة الصارمة وعدم تطبيق القوانين بالشكل المطلوب سمح لهذه الشركات بالتهرب من التزاماتها. المستفيد الأكبر من هذا الوضع هي الشركات الأجنبية التي تحقق أرباحًا ضخمة بفضل اليد العاملة الرخيصة، بينما يبقى العمال المغاربة الحلقة الأضعف، يكدحون لساعات طويلة مقابل أجور لا تضمن لهم حياة كريمة. هذه السياسة الاقتصادية التي تضع الاستثمار فوق مصلحة المواطن تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لضمان حقوق العمال وعدم السماح بجعل المغرب مجرد قاعدة إنتاج رخيصة دون أي احترام لكرامة العامل المغربي.