من مشاهد السخرية السوداء التي شاهدناها أثناء احتفالات ممثلي أجهزة النظام العسكري ” بفوزهم” بمنصب نيابة رئيس مجلس السلم و الأمن بمنظمة الوحدة الافريقية يوم 15 فبراير…نسجل عدم توفرهم على تقاليد أصيلة للاحتفال فالمشارقة مثلا (مصريين او سوريين او خليجيين…) لهم أعراف و تقاليد خاصة بالاحتفال تميزهم عن غيرهم من الشعوب …كما اننا في المغرب لدينا أعراف و تقاليد راسخة في الاحتفال و منها الزغاريد و الصلاة المحمدية…
الا ممثلي أجهزة النظام العسكري الجزائري حيث بدت عليهم علامات الدهشة من هذا الفوز المفاجأة…و التيه إذ لم يجدوا من أعرافهم إلا شعارات ملاعب الكرة..”وان تو تري فيف لالجيري “…وهو ما يعيد طرح سؤال الهوية و خرافة الأمة الجزائرية…؟
نشفق حقا على فريق يحتفل بشكل طفولي على نصف فوز إذ المنصب هو فقط ” نيابة رئيس مجلس الأمن و السلم” …لكن هنا لابد من طرح ملاحظتين مهمتين :
حيث تتعلق الاولى بالشعار الذي رفعته المنظمة الإفريقية كشعار سنوي لها و المتعلق بالعدالة للافريقيين و للافراد من أصل أفريقي عن طريق إصلاح الضرر سواء خلال مرحلة العبودية او الاستعمار…حيث ستحاول المنظمة الافريقية خلق جبهة موحدة لهذا الملف…
و يبدو أن أول الضحايا هم ممثلي أجهزة النظام العسكري اثناء احتفالهم باديس أبابا…إذ لم يتخلصوا بعد من آثار الاستعمار بدليل هتافاتهم الغير الأصيلة…و التي لا هي عربية و لا امازيغية و لا إسلامية…و لأن هذا الفوز كان أمام ممثلة المملكة المغربية فقد اعتبره “العالم الآخر ” نصرا مبينا ، و مبررا لكل تلك الفرحة الطفولية و متنفسا كبيرا لافراغ كل صرخات ألم الهزائم السابقة…
هذا بالاضافة الى عدة مواضيع ساخنة داخل اروقة منظمة الاتحاد الافريقي كالانقلابات و الصراعات المسلحة و تباطؤ وتيرة الإصلاحات الدستورية…وهي الملفات التي ستتكلف بترتيب اجندتها الرئاسة الدورية في شخص الرئيس الانغولوي João Lourenço. الذي خلف الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني…
فيما تتعلق النقطة الثانية بشروط دقيقة وردت في البروتوكول الخاص بانظمام الدول لمجلس الأمن و السلم…إذ نجد من ضمنها ان تتوفر الدول الراغبة في الانضمام على رصيد هام من الالتزام بقيم و مبادئ منظمة الاتحاد الافريقي و المساهمة في ترسيخ السلم و الأمن بإفريقيا و القدرة على تحمل مسؤولية الانضمام للمجلس و المشاركة في حل النزاعات و إبتكار و بناء السلم على المستوى الجهوي و القاري…
دعك الآن ، من كل تلك الانفعالات العاطفية و الفرح الطفولي الممزوجة بلحظات طرح سؤال…. وماذا بعد الإنضمام..؟…اذ لا ننسى ان “العالم الآخر ” هو عضو غير دائم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمدة سنتين و مازال ممثله تائها في ممرات و أروقة مقر المجلس..!
و دعنا نحاول قراءة انضمام ” العالم الآخر ” إلى أحد أجهزة منظمة الاتحاد الافريقي بشكل موضوعي…و نطرح سؤال بسيط: هل ” العالم الآخر ” يستحق فعلا الإنضمام لمجلس الأمن والسلم الافريقي…؟ و مدى احترام ترشحه لبروتوكول مجلس الأمن و السلم…؟
نجيب بكل موضوعية بلا كبيرة و نرفعها عاليا… ” العالم الآخر ” لا يتوفر على شروط الانضمام الواردة في البروتوكول..لكنه استفاد من حسنات التدوال و التوزيع الجهوي المعمول به في طريقة اختيار أو تعيين أو انتخاب أجهزة منظمة الاتحاد الافريقي…
فالنظام العسكري الجزائري لم يحترم ابدا مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للاعضاء..و هو بافتعاله لملف الصحراء المغربية و احتضانه للانفصاليين بمخيمات تيندوف و تسليحهم و شراء الولاءات و الاقلام لتسويق الطرح الانفصالي..فهو لا يحترم مباديء و قيم منظمة الإتحاد الافريقي حاليا و الوحدة سابقا…
كما أن ذات النظام العسكري لا يمكنه تحمل مسؤولية الانضمام لمجلس الأمن و السلم…بميله لتمويل مجموعات ارهابية على الحدود المالية و الليبية و الموريتانية…إذ لم يستطع حماية رئيس دولة مستقلة ذات سيادة مثل الشقيقة موريتانيا و الذي تعرض رئيسها السيد محمد ولد الغزواني لهجوم مسلح في طريق عودته من الجزائر ..وهو الهجوم الذي خلف قتلى..!
فالنظام الجزائري لا يعرف مصطلحات و مفاهيم ابتكار آليات السلم او بناء السلم و الأمن…لأنه يعرف فقط لغة التسليح و السلاح و شراء الذمم. ..بدليل أن كل تدخلاته لحل النزعات باءت بالفشل بل في احيان أخرى زاداتها تعقيدا و منها ملف سد النهظة و النزاع في ليبيا و دول الساحل…و ابتلاععا لنظام قيس السعيد بتونس…
أكثر من هذا ، النظام العسكري يحاصر كل معارضيه في الداخل و يتوعد من هم بالخارج و على رأسهم قادة منطقة القبايل المطلة على البحر المتوسط و الطوارق في الصحراء مع حدود مالي و ليبيا…
لكل هذا، فالنظام العسكري غير محق بعضوية مجلس الأمن و السلم…و برجوعنا لذات البروتوكول نجد فقرة تتحدث عن امكانية المراجعة الدورية تقوم بها الجمعية العمومية للمنظمة لتقييم أنشطة الدول الاعضاء في مجلس الأمن و السلم و مدى احترامهم لشروط البروتوكول…فهل هذا يتسع لفرضية الطرد من المجلس…؟
على العموم فالمغرب يحتفظ بمكانة قوية و عضوية العديد من أجهزة المنظمة الافريقية و يحتضن بعض مقراتها بالرباط…و سنواصل طريق التنمية و السلام مع الدول و الشعوب الإفريقية…أما موضوع مجلس الأمن و السلم فقد اخدنا علما بما حدث يوم 15 فبراير باديس أبابا…..
عبد الله بوصوف…