الجزائر تلجأ إلى شراء الأصوات لتعويض فشلها في نيل عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي

تحاول الجزائر تدارك فشلها في الحصول على عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، من خلال تكثيف تحركاتها الدبلوماسية وشراء الأصوات، سعيا لتغيير مواقف ممثلي الدول الأفريقية، في خطوة تكشف قصور النشاط الدبلوماسي والسياسي للسلطة الجزائرية في القارة السمراء.

 لا يريد المسؤولون الجزائريون الاعتراف بالفشل والعجز عن الوصول إلى عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، وأن دبلوماسيتهم ضعيفة ومعزولة، ولذلك تحركوا لتعويض الفشل من خلال إغراء ممثلي بعض الدول التي امتنعت عن التصويت لهم من أجل تغيير موقفهم ومارسوا ضغوطا على ممثلي دول أخرى.

وتشير مصادر متابعة للتحركات الدبلوماسية، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، إلى أن المسؤولين الجزائريين الحاضرين يتحركون في كل اتجاه بالترغيب والترهيب لتغيير مواقف ممثلي الدول الأفريقية، ومنع هزيمة جديدة للدبلوماسية الجزائرية في المؤسسات الأفريقية.

ويشعر المسؤولون الجزائريون بالحرج الشديد خاصة في وجود الرئيس عبدالمجيد تبون وتأكيده على ضرورة فوز الجزائر بمقعد في مجلس السلم والأمن، وسيعتبر الفشل في الحصول على عضوية المجلس في ظل وجود الرئيس الجزائري فشلا شخصيا له وإحراجا له في الداخل والخارج.

وقالت المصادر إن الجزائر أرسلت جيشا من الوسطاء، بمهمة واحدة: إقناع الذين لم يصوتوا لممثل الجزائر بالتراجع عن موقفهم، مقابل إغراءات كبيرة.

الجزائر أرسلت جيشا من الوسطاء، بمهمة واحدة: إقناع الذين لم يصوتوا لممثل الجزائر بالتراجع عن موقفهم، مقابل إغراءات كبيرة

ولم تحصل الجزائر الأربعاء على العدد المطلوب من الأصوات، حيث امتنعت دول عن دعم ترشيحها، ما اعتبر على نطاق واسع هزيمة للجزائر وتراجعا لحضورها في المؤسسات الأفريقية.

ونتيجة الرفض الأفريقي لترشح الجزائر لهذا المنصب المهم سيتم تنظيم انتخابات جديدة قريبا، لأن “لا أحد في القارة الأفريقية بدأ يثق بهذا النظام العسكري.”

وتندرج هذه الانتخابات في إطار القمة العادية الثامنة والثلاثين للاتحاد الأفريقي، المقررة يومي 15 و16 فبراير الجاري في أديس أبابا. وسبقتها يومي الأربعاء والخميس الدورة العادية السادسة والأربعون للمجلس التنفيذي (وزراء الخارجية).

ويقول مراقبون إنه سبق أن استخدمت الجزائر عدة مرات ورقة الوسطاء لإقناع الدول بأجنداتها، إذ أن “هذا السلوك الجزائري يؤدي إلى تراجع منظمة استخدمتها الجزائر لسنوات في خدمة طموحها إلى الهيمنة.”

ويضيفون أن الجزائر تحتاج إلى أن تغير أسلوبها ببناء علاقات تقوم على تبادل المصالح مع الأفارقة مثلما يفعل المغرب الذي نجح في بناء تحالفات وثيقة اعتمادا على الشراكات الاقتصادية والاستثمارات وتسهيل ربط المعاملات الاقتصادية الأفريقية بأوروبا.

ويتطلب تفعيل النشاط الدبلوماسي الجزائري أفكارا وتصورات جديدة، لا ترتبط بالآليات القديمة وشعارات محاربة الاستعمار وخطاب الثورات، وإنما بفهم طبيعة المرحلة ومنطق المنافسة، وقراءة وجهات نظر الأفارقة أنفسهم، وعلى رأسها التخلص من توازنات الأمس، وبناء تحالفات جديدة تقوم على المصالح المشتركة للنهوض باقتصادات القارة ومجتمعاتها.

دول أفريقية امتنعت عن دعم ترشيح الجزائر، ما اعتبر على نطاق واسع تراجعا لحضورها في المؤسسات الأفريقية

ومنذ عودة المغرب إلى بيته الأفريقي في عام 2016، سعت القارة السمراء إلى استقاء أفكار المملكة لإحداث تحولات هيكلية في أجهزة الاتحاد الأفريقي بما يتناسب مع المتغيرات العالمية الجارية، والتي تشهد على تصاعد حدة النزاعات الدولية، ولطالما ألقت بظلالها على القارة السمراء.

من جهته نجح المغرب منذ عودته إلى رئاسة العديد من المنظمات الأفريقية؛ أبرزها مجلس السلم والأمن الأفريقي، في إبعاد هيمنة جزائرية طويلة، جعلت هذه المنظمة بعيدة عن أهدافها المتوقعة لخدمة الأمن القاري، وقريبة من أجندات دعم أطروحة انفصال الصحراء المغربية.

وخلال هذه الفترة التي ترأس فيها المغرب المجلس، واتسمت بتسجيل تحسن في خارطة الطريق، سعت الجزائر إلى استعادة ما فقدته، متناسية “تغير الفكر الأفريقي”.

وتدفع الجزائر ضريبة سيطرتها على رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي على أنه منصب حكر عليها، وهي التي ترأسته لمدة 13 سنة بدءا من 2008، وشغله وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة ثم خلفه إسماعيل شرقي.

وبدلا من التركيز على التعاون الأفريقي المشترك والشراكات التي تعود بالنفع على الجميع، تواصل الجزائر الترويج لمنطق الابتزاز وشراء الأصوات.

وتأتي هذه المتغيرات في سياق اشتداد عزلة دبلوماسية قصر المرادية، وتصاعد الأزمة مع دول مجاورة في منطقة الساحل، وتراجع التأثير على الملف الليبي، واستمرار الأزمة مع إسبانيا وفرنسا، وفتح جبهة جديدة للخلاف مع القيادة السورية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: