الاتحاد الإفريقي: كيف أحبط المغرب عودة الجزائر إلى مجلس السلم والأمن؟

نجح المغرب يوم الأربعاء 12 فبراير بأديس أبابا في منع الجزائر من الحصول على عضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة، لم تحصل الجزائر على الأغلبية المطلوبة من الأصوات، حتى عندما كانت المرشحة الوحيدة. وهو أمر نادر الحدوث. وفي حالة من الإحباط، غادر وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف ووفده العاصمة الإثيوبية مساء اليوم نفسه.

كان الوقت قد تجاوز السابعة مساء في مطار أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا التي تحتضن الدورة الـ46 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي. بينما كانت الطائرات مصطفة على المدرج، كانت هناك طائرة واحدة على وشك الإقلاع على وجه السرعة، وهي طائرة « Gulfstream » الحكومية الجزائرية التي كانت تستعد للعودة إلى الجزائر وعلى متنها وزير الخارجية أحمد عطاف.

كان وجهه شاحبا ومعبرا عن الإحباط، برفقة عدد من أعضاء الوفد الجزائري المنكسرين، رغم أن أعمال المجلس التنفيذي كانت لا تزال مستمرة، وكان من المفترض أن يحضر الوفد القمة العادية لرؤساء الدول المقررة يومي 15 و16 فبراير. لكن الأمور سارت بشكل مغاير. فقد اضطر الوفد إلى مغادرة أديس أبابا بسرعة بعد الفشل المدوي، وهو فشل جديد لم يتوقعه النظام الجزائري. فقد تعرضت الجزائر لهزيمة قاسية في محاولتها الحصول على مقعد في مجلس السلم والأمن، وهو الهيئة التي هيمنت عليها الجزائر منذ 2003 حتى 2021.

في وقت سابق من اليوم، كانت الجزائر تراهن كثيرا على ترشحها لهذا المنصب بهدف استعادة موقعها في هذا المجلس وإعادة إحياء دبلوماسيتها المتدهورة. وقد قامت الجزائر بحملة دبلوماسية مكثفة لكسب دعم أكبر عدد ممكن من الدول الإفريقية، من أجل استعادة المقعد الذي يشغله المغرب منذ ثلاث سنوات.

وقد وثقت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية « APS » جولات أحمد عطاف منذ أوائل يناير. حيث زار جمهورية إفريقيا الوسطى والتقى رئيسها فوستين آرشانج تواديرا، ثم توجه إلى الكاميرون للقاء الأمين العام للرئاسة فرديناند نغوه نغوه، وبعدها إلى الكونغو للقاء الرئيس دنيس ساسو نغيسو. كما زار بنين في 9 يناير وطلب دعمها.

لكن النظام الجزائري واجه خصما قويا: المغرب. حيث سعت المملكة إلى تجديد عضويتها في مجلس السلم والأمن لمنع الجزائر من فرض أجندتها المعادية للمغرب والمخالفة لمصالح إفريقيا. وبفضل تحركاته الدبلوماسية المدروسة ودعمه من حلفائه، نجح المغرب في منع انتخاب الجزائر. لم تحصل الجزائر على الأغلبية المطلوبة، حيث فشلت في الحصول على ثلثي الأصوات حتى بعد سبعة جولات من التصويت.

في الجولة السابعة، كانت الجزائر المرشحة الوحيدة، ومع ذلك فشلت في تحقيق الأغلبية. وهو فشل غير مسبوق يعكس موقف العديد من الدول الإفريقية من الجزائر وسياستها العدوانية.

وفي نهاية يوم شاق، اضطرت الجزائر إلى مواجهة الحقيقة: الفشل في الحصول على مقعد في هذه الدورة.

وقال الصحفي الكيني المختص بالشؤون الإفريقية، موانجي ماينا، من أديس أبابا: « المغرب أحبط هذه المحاولة بفعالية، حيث أدت الامتناعات في الجولة الأخيرة إلى تأجيل الانتخابات ».

وبعد هذا الفشل، غادرت الدبلوماسية الجزائرية أديس أبابا على الفور. وحسب الصحفي الكيني، فإن طائرة « Gulfstream » أقلعت مساء وعلى متنها وزير الخارجية الجزائري.

ومن المقرر إجراء انتخابات جديدة في غضون شهر إلى شهرين لملء هذا المقعد.

ولا يزال من غير الواضح كيف سيتعامل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع القمة المقبلة في أديس أبابا يومي 15 و16 فبراير.

كان الرئيس الجزائري يأمل في استعادة المقعد في المجلس لفرض صورة انتصار دبلوماسي، وأيضا لدعم مرشحته سلمى مليكة حدادي، التي تنافس المغربية لطيفة أخرباش على منصب نائب رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي المكلفة بالشؤون المالية.

ومع الفشل في الحصول على مقعد مجلس السلم والأمن، أصبح من المشكوك فيه أن يحقق تبون النجاح في ترشيح سلمى مليكة حدادي، خاصة مع ضعف مؤهلاتها الدبلوماسية وقلة خبرتها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: