أجرى الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية وقائد المنطقة الجنوبية، مباحثات مع الجنرال تشارلز براون رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية، بشأن الأمن الإقليمي وسبل توحيد الجهود من أجل التصدي لكافة التحديات والتهديدات التي تواجهها المنطقة، وأشادا خلالها بديناميكية التعاون العسكري التي تجمع الجيشين في مختلف الميادين.
وذكر بيان لقيادة الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية، أن المسؤولين العسكريين أكدا خلال اتصال هاتفي أجراه بريظ مع براون بطلب من القيادة المشتركة الأميركية، أن تمرين الأسد الإفريقي الذي ينظم منذ سنة 2004 بالمملكة المغربية يعتبر خير مثال على متانة وعمق هذه الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
ومن خلال الشراكة الواعدة بين واشنطن والرباط والتي تشمل مجالات متعددة، أشاد المسؤول العسكري الأميركي بالتعاون بينهما، مؤكدا أن “المغرب يعدّ أحد أقدم حلفائنا، وسنواصل دعم بعضنا البعض في مواجهة التحديات الأمنية المتطورة” .
وتكتسب الشراكة المغربية الأميركية في المجال العسكري أهمية كبيرة في تدعيم العلاقات الثنائية، وأوضح الأكاديمي والخبير في الشؤون الاستراتيجية هشام معتضد، أن “هذا الاتصال بين الطرفين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الرباط وواشنطن في شقها المتعلق بالتعاون العسكري والدفاعي والأمني، والتي التزمت من خلاله الإدارة الأميركية بضمان دعم تقني وتكنولوجي متجدد للمغرب كشريك موثوق فيه بالمنطقة”.
وفي إطار تطوير وتعزيز التعاون العسكري، وقع المغرب والولايات المتحدة، في21 مايو 2024 بالرباط، على خارطة طريق للتعاون العسكري بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، وتتضمن الخطوات التي يتعين اتباعها لتنفيذ الأنشطة المعتمدة خلال الدورة الـ13 للجنة الاستشارية للدفاع المغربية – الأميركية، لتعزيز قضايا رئيسية للأمن الإقليمي، وتحديد الخطوط العريضة لمخطط العمل المستقبلي مع القيادة الأميركية في إفريقيا “أفريكوم”، والحرس الوطني لولاية يوتا، وكذلك مشاريع تنمية القدرات التي تديرها وكالة التعاون الأمني الدفاعي.
ونظرا لما يمثله التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة، كنموذج متميز للشراكة الاستراتيجية التي تتجاوز الأطر التقليدية للعلاقات الثنائية، أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية، بتوشيح ثلاثة ضباط أميركيين بأوسمة تقديرا لجهودهم في تطوير وتعزيز التعاون العسكري المغربي الأميركي، على هامش انعقاد الدورة 13 للجنة الاستشارية للدفاع في مايو الماضي.
ويأتي الاتصال بين المسؤولين المغربي والأميركي في سياق استمرار المغرب في تحديث وتعزيز ترسانته العسكرية، حيث أعلنت الخارجية الأميركية عن موافقتها مؤخرًا على صفقة تسليح جديدة تشمل معدات عسكرية متنوعة بتكلفة إجمالية تصل إلى 86 مليون دولار، كما تترقب القوات المسلحة الملكية وصول أول دفعة من “الأباتشي”، ومسيرات“سي غارديان” التي تعتبر من بين الطائرات بدون طيار ذات التكنولوجيا المتطورة وتستخدم لأغراض عسكرية وأمنية وإنسانية كذلك، حيث تعكس هذه الصفقة التعاون العسكري المستمر بين البلدين.
ويتم تنظيم التعاون العسكري المغربي الأميركي بموجب اتفاقيات ومذكرات تفاهم وتفاهمات تقنية ثنائية، تحدد أشكال التنفيذ والتعاون، واعتبر هشام معتضد في تصريح لـه، أن الحصول على هذا النوع من الطائرات سيعزز أواصر الروابط السياسية بين الرباط وواشنطن اللتان تسعيان إلى الدفع بالعلاقات عبر-الأطلسية إلى مزيد من التنمية والتطور، استجابة لرغبة المغرب في هذا الشأن وتوجه واشنطن لخلق ديناميكية متجددة في هذا الفضاء الذي يربط القارة الأمريكية بنظيرتها الإفريقية.
ويحظى التزام المملكة بمكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي بتقدير الولايات المتحدة، التي تشيد بتعاونها الوثيق مع المغرب بصفته عضوا في التحالف الدولي ضد داعش ورئيسا مشاركا لمجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا، حيث أن هذه الهيئة تضطلع بدور مركزي في تنسيق الجهود الإقليمية الرامية إلى التصدي للتهديدات الإرهابية في القارة، من خلال مساعدة البلدان الإفريقية على تعزيز قدراتها في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية الناشئة.
واعتبر هشام معتضد، أن السنوات الاخيرة شكلت مرحلة مهمة في سياق تعزيز التقارب العسكري بين الحليفين، من خلال صفقات تسلح عالية المستوى ما يعد كسبا متميزا بالنسبة للفرق الأمنية والعسكرية وتحسين تنفيذ مشاريعها العملياتية والتكتيكية.
وأضاف أن من أبرز الصفقات هي صواريخ “هيمارس” الدفاعية، والبدء في تصنيع طائرات “الأباتشي”، وحصول المملكة على قذائف ” تاو” الدفاعية، فضلا عن مؤشرات تطوير طائرات ”إف 16″، وستسهم في تعزيز قدرات المغرب على مواجهة التحديات الأمنية الحالية والمستقبلية، إضافة إلى دعم العمليات المشتركة بين القوات الجوية الأميركية ونظيرتها الملكية المغربية.
وتأسست الشراكة بيت البلدين على مدى عقود طويلة من التعاون الوثيق والتنسيق المستمر في مختلف المجالات العسكرية والأمنية، والتي تستند إلى المصالح المشتركة في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب والتحديات الأمنية العابرة للحدود.
وسبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أكدت بأن الصفقات المقترحة تأتي في إطار دعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال تقوية أمن أحد أبرز حلفائها خارج حلف الناتو، مشيرة إلى أن المغرب يمثل شريكا استراتيجيا، يلعب دورا محوريا في تحقيق الاستقرار السياسي وتعزيز التنمية الاقتصادية في منطقة شمال إفريقيا.