أعلن المغرب عن إنشاء مركز معتمد وتنافسي لصيانة وإصلاح الطائرات، وخصوصا التابعة للقوات الجوية الملكية، في مسعى إلى تعزيز السيادة الوطنية في قطاع الطيران، وتطوير القدرات المحلية وضمان نقل التكنولوجيا وخلق فرص العمل في هذا القطاع.
يتجه المغرب نحو تعزيز استقلاليته في قطاع الطيران العسكري وتقليل الاعتماد على الصيانة الخارجية، بعدما دخل إنشاء مركز معتمد وتنافسي لصيانة وإصلاح الطائرات حيز التنفيذ، مع التركيز بشكل أساسي على طائرات القوات الجوية الملكية، والذي يهدف إلى تعزيز السيادة الوطنية في قطاع الطيران، من خلال تطوير القدرات المحلية في الصيانة والإصلاح ونقل التكنولوجيا وخلق فرص العمل.
ووفقا لمرسوم حكومي جديد صدر في الجريدة الرسمية، حصلت شركة “ميدز”، التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، على موافقة الحكومة للزيادة في نسبة مساهمتها في رأسمال شركة “مانتوننس إيرو ماروك” من 10 في المئة إلى 34 في المئة، وبعد التشاور مع الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة، وذلك بناءً على اقتراح من وزير الاقتصاد والمالية.
ويهدف هذا القرار إلى تمكين الشركة من إنشاء مركز صيانة وإصلاح معتمد، كما يركز على خدمة طائرات القوات الجوية الملكية، مع تعزيز قدرات المملكة في هذا المجال الحيوي، مما يساهم في دعم الأمن القومي وتطوير القدرات الصناعية والتكنولوجية للمملكة.
![محمد الطيار: المملكة تسعى إلى تحقيق استقلاليتها وسيادتها الدفاعية](https://i0.wp.com/alarab.co.uk/sites/default/files/inline-images/10_407.jpg?w=1170&ssl=1)
وأوضح عبداللطيف لوديي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، أن “المملكة المغربية عملت، في إطار التحدي الذي يواجه قطاع صناعة الطيران والذي يكمن في تنويع مجالات التطور والتوجه من الصناعات المدنية إلى الدفاعية، على تعزيز ترسانتها القانونية في ما يخص الصناعة العسكرية، بالإضافة إلى تعميم استفادة أنشطة هذه الصناعة من مجموعة من التدابير التي تهم دعم الاستثمار ذي الطابع الإستراتيجي وفقا للقانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار.”
وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في السياسات الأمنية والإستراتيجية، أن “إنشاء مركز معتمد وتنافسي لصيانة وإصلاح الطائرات يدعم تواجد الشركات المتخصصة في صناعة الطيران العسكري وصيانته، والذي يدخل ضمن إستراتيجية سيادة المملكة في هذه الصناعات بهدف الحصول على أنظمة تكنولوجية متطورة من خلال عقد شراكات مع حلفائها، وخضوع العديد من الخبراء والتقنيين المغاربة لتدريبات مكثفة، ضمن مقاربة المغرب للأمن القومي بعيدة المدى لتعزيز استقلاليته في مجال الدفاع وتحقيق السيادة الدفاعية.”
وأضاف أن “إنشاء مركز معتمد وتنافسي لصيانة وإصلاح الطائرات، يعد جزءا من رؤية إستراتيجية تهدف من خلالها المملكة إلى تحقيق استقلاليتها وسيادتها الدفاعية من خلال دعم الاستثمار في قطاع التصنيع الدفاعي ومنه الطيران العسكري، ما سيسمح بالتأسيس لصناعة دفاعية تخفف من كلفة الصفقات العسكرية، وتسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي ونوع من الاستقلالية.”
وتزامنا مع توفير خدمات صيانة لطائرات القوات المسلحة الملكية، بالتعاون مع شركاء دوليين، شرع المغرب في السنوات الثلاث الأخيرة في تحديث أسطوله من المقاتلات، حيث عمل في سنة 2022 على تهيئة قاعدتين جويتين توجد الأولى في سيدي سليمان والثانية في بن جرير، من أجل استقبال سرب جديد متطور من مقاتلات أف – 16 بلوك 72 يتكون من 25 مقاتلة، بعد توقيع صفقة مع الشركة الأميركية المصنعة، لوكهيد مارتين.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية على حصول شركة “ELB Services LLC” المتخصصة في دعم المقاتلات الأميركية، خاصة أف – 16 في الحروب الاستطلاعية، على صفقة لتقديم خدمات دعم أنظمة تخطيط المهام لفائدة القوات المسلحة الملكية المغربية لمدة عشر سنوات.
ويأتي هذا المشروع ضمن تأطير قانوني أشمل للصناعة الدفاعية بالمغرب، ويرتبط بشكل وثيق بالقانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع، والمرسوم الذي يحدد قائمة الأنشطة الصناعية المؤهلة للاستفادة من الإعفاءات الضريبية، والذي يسهم في تعزيز شراكاته مع دول متعددة من تفوقه العسكري من خلال تطوير قدراته في مجال التصنيع المحلي يتماشى مع التحديات الأمنية المتغيرة، ويعزز قدرات الردع الإستراتيجي.
وزارة الدفاع الأميركية تعلن على صفقة لتقديم خدمات دعم أنظمة تخطيط المهام لفائدة القوات المسلحة الملكية المغربية لمدة عشر سنوات.
ويخطو المغرب خطوات إستراتيجية ليصبح مركزا رائدا في صناعات الطيران والدفاع، مستفيدا من منظومته الصناعية المتطورة في مدن طنجة، الدار البيضاء، وهو ما يعكس رؤية المملكة لتعزيز سيادتها التكنولوجية وتوطين الصناعات الدفاعية بالاستثمار في البنية التحتية وتطوير منشآت تصنيع وتجميع طائرات حديثة.
واعتبر الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني أن “الإرادة القوية للعاهل المغربي الملك محمد السادس لتعزيز سيادة المملكة الوطنية في مجال الدفاع وصناعة الطائرات، على غرار النجاح الذي حققته في صناعة السيارات، تأخذ بعين الاعتبار عمقها الأفريقي والعربي من أجل تكريس دورها ومرتبتها كمنصة إقليمية تركز على شبكات العلاقات المتميزة مع مجمل الدول خاصة العربية والأفريقية، وهو ما سيمكنها لا محال من لعب دور فاعل في خدمة الأهداف المشتركة وتطوير التعاون الإقليمي.”
وفي إطار دعم هذه الصناعة الإستراتيجية، سجلت ميزانية الدفاع الوطني المغربي خلال السنوات الخمس الأخيرة قفزات نوعية، تعززت باعتماد موازنة لسنة 2025 تصل إلى نحو 133 مليار درهم (13 مليار دولار) من أجل “اقتناء وإصلاح المعدات العسكرية ودعم تطوير صناعة الدفاع”، بزيادة قاربت 9 مليارات درهم (873 مليون دولار) عن السنة الماضية، وزيادة فاقت 37 مليار درهم (3.5 مليار دولار) عن سنة 2019.
ويتجه المغرب إلى دعم مصنع للطائرات العسكرية دون طيار بالتعاون مع شركة “بايكار”، مع التوسع في تصنيع أنظمة أسلحة وإلكترونيات دفاعية داخل المملكة، حسب ما نشرت السفارة التركية بالعاصمة المغربية، حيث تم الإعلان مؤخرا عن تأسيس شركة مغربية تحت اسم “أطلس ديفنس” مختصة في “تصميم وتصنيع وتطوير وصيانة الطائرات بدون طيار، وتصنيع وبيع قطع غيار للطائرات بدون طيار، وتصميم وتصنيع وتطوير وبيع المنتجات والأنظمة التكنولوجية لصناعة الدفاع”.