الإدمان على التيك توك: خطر خفي يهدد الحياة اليومية

بوشعيب البازي

في عصر السرعة والتكنولوجيا، أصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومن بينها تطبيق تيك توك، الذي اجتاح العالم وأصبح محط أنظار ملايين المستخدمين. ورغم أنني جديد على هذه المنصة ولم أكتشف بعد كل خفاياها، فإنني شعرت بتأثيرها القوي على حياتي خلال فترة قصيرة.

منذ أن بدأت باستخدام تيك توك، لاحظت تغيرات مروعة في نمط حياتي. أصبح وقتي يضيع في متابعة مقاطع الفيديو القصيرة، والانخراط في مشاحنات ونقاشات لا طائل منها. حتى أثناء عملي، كنت أجد نفسي مشتتًا، أفكر في ما حدث بالأمس وما يمكن أن يحدث لاحقًا على هذه المنصة، وكأنها تحكمت في ذهني دون أن أشعر. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد إلى حياتي العائلية؛ أصبحت أقل تفاعلًا مع أفراد أسرتي، منشغلًا برسائل ومحادثات افتراضية لا نهاية لها مع أشخاص مجهولين لا أعرف عنهم سوى أسمائهم المستعارة وصورًا قد تكون مزيفة.

تيك توك: إدمان أخطر من المخدرات؟

قد يبدو الأمر مبالغًا فيه، لكن عند النظر بتمعن في طبيعة الإدمان على تيك توك، نجد أنه يشبه إلى حد كبير الإدمان على المخدرات. فكما يدفع المخدر المدمن إلى البحث المستمر عن جرعة جديدة، يدفع تيك توك مستخدميه إلى الاستمرار في التصفح لساعات طويلة دون وعي بالوقت الضائع.

نرى اليوم آلاف الأشخاص يعيشون حياةً افتراضية منفصلة عن واقعهم الحقيقي، منشغلين بعلاقات سطحية مع أشخاص لا يعرفونهم، متجاهلين أسرهم وأعمالهم وحتى صحتهم. في المغرب، كما في العديد من الدول، أصبح تيك توك تهديدًا حقيقيًا يضرب استقرار العائلات، حيث نجد الآباء منشغلين بالشاشات بدلًا من الاهتمام بأطفالهم، والمراهقين يتأثرون بمحتويات غير لائقة تؤثر سلبًا على قيمهم وسلوكهم.

و منهم من يقضي ساعات طويلة ضد الخونة و الانفصاليين للحفاظ على الوحدة الوطنية و الدفاع عن المقدسات مما يجعلهم حصنا منيع ضد الخونة و المسترزقين الذين يخدمون اجندات خارجية .

الشهوة للمال والشهرة: بأي ثمن؟

صحيح أن هناك من استطاع تحقيق أرباح طائلة وشهرة واسعة عبر تيك توك، لكن السؤال المطروح: إلى أين يقودهم هذا النجاح؟ للأسف، نجد أن الكثيرين ينجرفون وراء المحتوى السطحي والجدلي الذي لا يقدم أي فائدة للمجتمع، بل قد يؤدي إلى انتشار الفوضى الفكرية والتفاهة، حيث يتم التطاول على القيم والأخلاق من أجل بضعة مشاهدات وإعجابات.

الإدراك هو الخطوة الأولى لمواجهة أي إدمان. إذا شعر المستخدم بأن تيك توك بدأ يستهلك وقته وعلاقاته، فعليه اتخاذ خطوات فورية للتحكم في استخدامه في وقت معين يوميًا لاستخدام التطبيق وعدم تجاوزه. و التركيز على المحتوى الهادف وتجنب الانسياق وراء المشاحنات والمحتويات السطحية.

كما أن إعادة التواصل مع الواقع من خلال قضاء وقت أكبر مع العائلة والأصدقاء في لقاءات حقيقية بعيدًا عن الشاشات.

تيك توك ليس شرًا مطلقًا، لكنه قد يصبح خطرًا حقيقيًا إذا لم نستخدمه بحكمة. وكما هو الحال مع أي وسيلة تكنولوجية، فإن المشكلة ليست في التطبيق بحد ذاته، بل في طريقة استخدامنا له. فإذا لم نضع حدودًا لأنفسنا، قد نجد أنفسنا غارقين في عالم افتراضي يسرق منا أجمل لحظات حياتنا الحقيقية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: