قمة أردنية-أميركية يخيم عليها رفض تهجير الفلسطينيين وقطع المساعدات

يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن الثلاثاء مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وسط توقعات بأن يكون مقترح استقبال عمان لجزء من سكان قطاع غزة مقابل عدم قطع المساعدات العنوان الأبرز للقمة المرتقبة.

وتشير تغطية الإعلام الأردني أن الملك عبدالله الثاني سيرفض تهجير الفلسطينيين حتى لو قطعت الولايات المتحدة مساعداتها عن المملكة.

وكان ترامب قد لوح في وقت سابق الاثنين بقطع المساعدات عن الأردن ومصر حال استمرارهما رفض استقبال الفلسطينيين قائلا “ربما أوقف المساعدات للأردن ومصر إذا لم يستقبلا اللاجئين”، مضيفا “أعتقد أن الأردن سيستقبل لاجئين”.

واشتبك الإعلام الأردني الرسمي والخاص مع اللقاء المرتقب، بالتأكيد على ثوابت عاهل البلاد، وبينها رفض التهجير، وأن الحل لن يكون على حساب المملكة، مع طرح لثلاثة سيناريوهات متوقعة.

وتعد الولايات المتحدة داعما أساسيا للأردن، ووقَّع البلدان في سبتمبر 2022 مذكرة تفاهم، تقدم بموجبها واشنطن مساعدات مالية سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للفترة بين 2023 و2029.

لكن في أواخر يناير الماضي، قررت إدارة ترامب وقف المساعدات الخارجية لجميع الدول لمدة 90 يوما لإجراء عملية مراجعة.

في مقال بعنوان “الملك وترامب.. لقاء تاريخي”، كتب رئيس تحرير جريدة الدستور مصطفى الريالات إن “الزيارة تاريخية بكلِ ما تحمل الكلمة من معان”.

وأوضح أنها “تأتي في توقيت سياسي دقيق وبالغ الحساسية، إذْ تتصاعد أدخنة الأزمات في المنطقة، لكن الملك يحمل معه اللاءات التي يعرفها الأردنيون والعالم جيدا”.

وتابع “بعد الحديث عن أن الهدف من “صفقة القرن” هو إقامة وطن بديل للفلسطينيين بالأردن، خرج الملك حينها ليقول: “أنا كهاشمي كيف أتراجع عن القدس؟! مستحيل. خط أحمر. كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين”.

و”صفقة القرن” هي خطة سياسية طرحها ترامب عام 2020 لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي، لكنها واجهت رفضا فلسطينيا وعربيا بشكل عام، لكونها مجحفة بحق الفلسطينيين ومنحازة لصالح إسرائيل.

ووفق الريالات “صحيح أن المهمة ستكون صعبة، وصحيح أننا نتحدث عن ملف التهجير، بوصفه الملف الأخطر مرحليا، لكن الصحيح أيضا أننا كأردنيين، وفي المقدمة منا الملك، لا نملك رفاهية عقد الصفقات، وأن في حقيبتنا ورقة تقول: لا للتهجير “.

واقترح ترامب خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبيت الأبيض الأسبوع الماضي خطة غير مسبوقة لغزة تقوم على تهجير جميع سكّان القطاع لكي تسيطر عليه الولايات المتحدة من أجل تطويره عقاريا.

وبموجب خطة ترامب يتعيّن على مصر والأردن خصوصا استقبال هؤلاء الغزيين، لكنّ البلدين رفضا ذلك.

ويعيش اليوم نحو 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، أغلبهم أبناء أو أحفاد من فروا، في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. وتقول وزارة الخارجية الفلسطينية إن نحو نصف اللاجئين المسجلين لا يزالون بلا جنسية، ويعيش كثيرون منهم في مخيمات مكدسة.

ويشكل حديث ترامب عن إعادة توطين نحو مليوني شخص من سكان غزة كابوسا بالنسبة للأردن، الذي لطالما خاف من الطرد الجماعي للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، كما يعكس رؤية لطالما روجها الإسرائيليون المنتمون لتيار اليمين عن الأردن باعتباره وطنا فلسطينيا بديلا.

ويعود القلق إلى ما يعرف باسم “أيلول الأسود”. ففي عام 1970، شن الجيش الأردني هجوما ضخما يحمل الاسم نفسه لاستعادة السيطرة على الأراضي التي احتلتها منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن.

وكان الملك حسين يخشى من تنامي نفوذ الفصائل الفلسطينية، فنفذ حملة صارمة على القوميين الفلسطينيين. وأمر كبار ضباطه بدخول الدبابات العاصمة عمَّان. وتشير التقديرات إلى مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف فلسطيني، وفرار نحو 20 ألفا من الأردن.

واشتبك رئيس تحرير جريدة “الرأي” خالد الشقران مع القمة المرتقبة عبر مقال حمل عنوان “لقاء الملك- ترامب: ثلاثة سيناريوهات لمستقبل المنطقة”.

وقال إن اللقاء “يأتي كمنعطف حاسم قد يُعيد تشكيل مواقف واشنطن أو يُفاقم الأزمة، مع تركيز المراقبين على ثلاثة سيناريوهات محتملة”.

وأوضح أن السيناريو الأول هو “الأكثر تفاؤلا، حيث يتمكن الملك عبدالله الثاني، بوصف الأردن حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة، من إقناع ترامب بالعدول عن فكرة التهجير، والعودة إلى دعم حل الدولتين كمسار وحيد للسلام”.

والسيناريو الثاني يفترض أن تُصر الإدارة الأميركية على فكرة التهجير، سواء عبر نقل سكان غزة إلى دول أخرى أو بتهجيرهم داخليا، وفق الشقران.

أما السيناريو الثالث، كما أردف”، “فيفترض أن ينتهي اللقاء دون حسم، ليظل الوضع على حاله: استمرار الاحتلال، وحصار غزة، وتجميد المفاوضات”.

وزاد بأن “هذا الجمود، بحسب خبراء، هو الأخطر، إذ يُغذي اليأس الفلسطيني، ويدفع نحو انتفاضة ثالثة قد تندلع بأدوات أكثر عنفا، خاصة مع تنامي الخطاب المتطرف في كلا الجانبين”.

وعلى الصعيد الاقتصادي، قال الشقران “سيستنزف الجمود موارد الدول المجاورة، مثل الأردن ومصر ولبنان، التي تعاني أصلا من أزمات لاجئين، ما يفتح الباب لاضطرابات اجتماعية تزيد المنطقة التهابا”.

ورأى أن “القرار الأميركي سيُحدد ليس فقط مصير الفلسطينيين، بل ومستقبل التحالفات الإقليمية أيضا، ومصير مشروع السلام الاقتصادي الذي تروج له إدارة ترامب”.

وتحت عنوان “قطع المساعدات الأميركية للأردن: لن نركع ولن نساوم”، انتقد عوني الرجوب في مقال بموقع “جو24″، “قرار الإدارة الأميركية، بقطع المساعدات عن الأردن”.

واعتبر أنه “فصل جديد من فصول الابتزاز السياسي الرخيص الذي يهدف إلى إخضاع الأردن وتطويعه ليقبل بصفقة القرن المرفوضة جملة وتفصيلا”.

وأردف “ظن ترامب أن الأردن، هذا البلد الصغير بحجمه الكبير بإرادته، يمكن أن يطوع بقرارات مالية ومساعدات مشروطة يلوي بها ذراعنا فهو واهم واهم”.

واستطرد قائلا “رسالتنا اليوم واضحة وصارخة: الأردن قيادة وشعبا لن يركع، ولن تُلوى ذراعه، حتى لو وقف العالم بأسره ضده”.

وفي صحيفة “الغد”، كتب نضال منصور أن “زيارة الملك مهمة سياسية، ودبلوماسية شائكة، وستظهر أوراق القوة التي يملكها الأردن بعد عقود من العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، والنتائج التي ستتمخض عنها ستشكل عنوان المرحلة القادمة سياسيا، واقتصاديا”.

واستدرك في مقال بعنوان “قبل لقاء الملك وترامب” قائلا “قد يتطلب الأمر استدارات، وتحالفات لمواجهة استحقاقات مقبلة، وفي كل الأحوال فإن العلاقات بين عمان وواشنطن تدخل في عهد ترامب منعطفا لم تعرفه من قبل، والواقع أن العالم كله يترقب، ويعيد حساباته لأن زعيم أميركا يفعل كل ما هو غير متوقع”.

وتحت عنوان “الأردن وترامب والمواجهة الجريئة”، كتب منذر الحوارات في الصحيفة ذاتها “ذهب ترامب بعيدا، ولا أمل معه في استخدام القانون الدولي، لأنه لا يأبه به”.

وتابع “أما تعميق التحالفات مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، وعقد اجتماع للجامعة العربية، والتوجه إلى المؤسسات الأميركية والأممية، فقد يكون مفيدا، لكنه غير مضمون النتائج مع رجل تنحصر اهتماماته في الحصول على مكاسب سريعة”.

و”لذلك يجب ابتداع طريقة يفهمها ترامب، تجعله يدرك أن هذا التوجه يؤدي إلى خسارة حلفاء الولايات المتحدة، لذلك، لا ينبغي التردد في مناقشة أكثر القضايا حساسية بين البلدين”، وفق “الحوارات”.

وضربا مثلا بإمكانية “التلويح بتجميد اتفاقية وادي عربة (للسلام) بين الأردن وإسرائيل (لعام 1994)، والتلويح بوقف التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة، ورفض أي مساعدات مشروطة بتقديم تنازلات”.

وتعد القمة الأردنية الأميركية المرتقبة أول لقاء لزعيم عربي مع ترامب منذ تنصيبه في 20 يناير الماضي.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: