لا يمكن لعاقل أن يمنع نفسه من مجرد طرح اسئلة عابرة حول “جار العالم الآخر ” إذ كيف تمكن النظام العسكري من تبرير تبديد كل هذه الثروة الباطنية الهائلة للشعب الجزائري..؟ و هل صحيح أن الشعب تم حقنه بمساعدات و إعانات تخديرية تافهة…؟ و كيف لشعب عشق الحرية و اضظر للاحتماء باشقاءه المغاربة في أكثر من مناسبة…ان يعتنق لغة الصمت الى ما لا نهاية..؟
هذه بعض الأسئلة البسيطة التي لا يمكنك أن تمنع نفسك عن طرحها و انت تقرأ أرقام و منجزات دول بترولية شقيقة أو عضوة في منظمة الاوبيك..
و قد ترتفع درجة الفضول عندك و انت تتأمل تقارير عن الصناديق السيادية للدول البترولية..
و قد تصاب بالدوار و انت تقف على أرقام جهاز الاستثمار ابو ظبي 800 مليار دولار، وجهاز الاستثمار الكويت 750 مليار دولار، وصندوق سانغافورة 750 مليار دولار و غيرها من الصناديق السيادية بالسعودية و قطر و الصين و التي تلعب دورا كبيرا في سياسات الاستثمار و الادخار…
و في سنة 2000 سيقوم النظام الجزائري بعملية بهلوانية ماسخة بخلقه لصندوق ضبط الموارد ( كصندوق سيادي ) و الذي اعتبره العديد من المتخصصين في عالم السياسات المالية هو مجرد حساب مالي تابع لوزارة المالية…
إذ في الوقت الذي يجب أن يحقق ذات الصندوق أهداف استراتيجية و استثمارات… فقدأصبح عبارة عن عجلة إنقاذ سيارة النظام العسكري المهترئة…
لكن المراهقة السياسية المتأخرة التي مازال يعيشها قادة النظام العسكري منذ السيتنيات من القرن الماضي…و لهتهم وراء إلحاق الضرر المادي و المعنوي بصورة المغرب أو محاولات إرهاقه سياسيا من خلال ملف مغربية الصحراء الذي يعرف دينامية إيجابية لن تتوقف لمجرد خبر زائف هنا أو خرجة اعلامية مجروحة هناك من طرف رئيس دولة العالم الآخر…خاصة بعد الاعترافات التاريخية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية و إسبانيا و فرنسا التي وقعت مع المغرب على جيل جديد من المشاريع الاستراتيجية المتعلقة بمغربية الصحراء..من بينها افتتاح مركز ثقافي فرنسي بالاقاليم الصحراوية يوم 8 فبراير الجاري من طرف وزيرة الثقافة الفرنسية السيدة رشيدة ذاتي…
إن هذه الحالة المرضية جعلت النظام ينشر تقارير عن ميزانيات التسليح بأرقام خيالية و تعاقدات عسكرية مكلفة جدا…بعيدة عن الهم اليومي للشعب الجزائري و معاناته مع طوابير الحليب و اللحم و الارز..
و يمتنع عن ينشر تقارير دورية عن ” صندوق ضبط الموارد ” كما تفعل كل الدول مع صناديقها السيادية…
و قد يتوقف عقلك عن التفكير و تتيه في ملكوت الله..عندما تقرأ عن الصندوق السيادي النرويجي و كيف تضاعفت مداخيله ثلاث مرات منذ الحرب في اوكرانيا في فبراير 2022 و تداعيات أزمة الطاقة و الكهرباء و حروب أنابيب الغاز الطبيعي…اذ في الوقت الذي أصبحت النرويج هي المورد الأول لاوروبا للغاز الطبيعي..فإن الجزائر تمركزت ثانيا…و هذا يعني تحقيقهما معا لمداخيل غير مسبوقة و احتياطات من العملة الصعبة غير محدودة…
و في الوقت الذي كانت النرويج تنشر تقارير عن مداخيل صندوقها السيادي الذي فاق 1600 مليار دولار..و كذا خريطة استثماراتها في العالم…هذا طبعا في إطار احترام المواطن النرويجي و تحت رقابة وزراة المالية و البرلمان…
فإنه لا أحد يملك الجرأة في الجزائر للمطالبة بتقارير وكشوفات صندوق ضبط الموارد…لا أحد يمكنه انتقاد عناصر معادلة غير مقبولة…أي ارتفاع الطلب على الغاز الجزائري مع ارتفاع السعر … لكن المواطن ظل يعيش نفس الوضع الاقتصادي و الاجتماعي..فقط أفراد النظام العسكري يرفلون في نعيم الغاز الطبيعي و يتسابقون لتسليح عصابات البوليساريو و عصابات إرهابية بالساحل لتهديد الامن و السلام بالمنطقة..
أعتقد أن عقدة النظام العسكري اتجاه المغرب قد شلت تفكيرهم في تنمية الجزائر و في تحقيق أسباب رفاهية شعبه…لقد وصل النظام الجزائري لحالة الشيخوخة و الوهن و دخل في حالة موت إكلينيكي باضاعته لفرص النهوض بالصندوق السيادي..كما تفعل دول شقيقة بالخليج العربي أو الصين و النرويج..و تفضيله إهدار عائدات الغاز و البترول في تسليح عصابة البوليساريو و توطينها بمخيمات تندوف لأكثر من أربعة عقود…في زمن عرف تغيير مفاهيم لغة الأرقام و الذكاء الاصطناعي و الاستراتيجيات و اولها حسنات الصناديق السيادية….سنكون حقا أمام مشهد عبثي و نحن نحاول مقارنة عائدات الصندوق السيادي النرويجي لسنة 2024 التي وصلت 224 مليار دولار…فهل يجرؤ النظام الجزائري على إعلان مداخيل صندوق ضبط الموارد لينة 2024…؟
عبد الله بوصوف…