بالموازاة مع مصادقة مجلس النواب بشكل رسمي ونهائي على قانون الاضراب، أكد عزيز أخنوش رئيس الحكومة، إن هذه الخطوة ستوفر للمغرب قانونا يعطي ضمانات للمستثمرين وللمنظمات العالمية، بأن هناك ضمانات للاستثمار في المغرب، إذ أن النص متوازن جدا. مشددا على أن “الصيغة الحالية للقانون التنظيمي للإضراب أفضلُ بكثير من الصيغة الأولى (صيغة 2016).”
وردا على انتقادات المعارضة والنقابات، أكد أخنوش الثلاثاء، في جلسة مساءلة شهرية في مجلس المستشارين، أن القانون أعطى إمكانية كبيرة للعمال لممارسة الإضراب في ظروف واضحة، ورؤية أكثر وضوحا للمستثمرين، “وقد أصبح لنا قانون يمكننا أن نقول من خلاله للمنظمات العالمية والمستثمرين، وللناس الذين يشتغلون معنا بأن لهم ضمانات لأنه قبل 60 سنة كنا دون قانون.”
وتخوض الطبقة العاملة المغربية إضرابا وطنياً يومي الأربعاء والخميس بدعوة من النقابات، التي ترفض ما جاء به قانون الإضراب والذي تمت المصادقة عليه بمجلس النواب صباح الأربعاء بالأغلبية في قراءة ثانية، حيث دافعت الحكومة والأغلبية على صيغة القانون الذي أتى لاستقطاب الاستثمار فيما وصفته النقابات بـ”الملغوم.”
وفي محاولة لطمأنة النقابات قال رئيس الحكومة، أن “علاقتنا بالنقابات أكبر من قانون الإضراب، نحن نحترم النقابات ونحترم إضراباتها، وعلاقتنا أكبر من قانون الإضراب، ولم نكن نختلف معكم حول الدرهم وما كان من حقكم أعطيناه لكم،” مشددا على إنه سيتم مواصلة الحوار الاجتماعي مع النقابات.
وأضاف “ما زال ينتظرنا معها عمل كبير في عدد من الأمور.”
الأغلبية النيابية تدافع عن مشروع قانون الإضراب باعتباره إصلاحًا يحقق التوازن بين الحق النقابي والاستقرار الاقتصادي
وأعرب عدد من الأحزاب المغربية تضامنها مع النقابات كمحطة نضالية مجتمعية بارزة، مؤكدين دعمهم للمطالب المشروعة للطبقة العاملة، إن على مستوى تحسين الأوضاع المادية أم على مستوى الحقوق المهنية والمعنوية والنقابية.
وبلغ قانون الاضراب مرحلته التشريعية النهائية في انتظار عرضه على أنظار القضاء الدستوري ونشره في الجريدة الرسمية، حيث عرفت القراءة الثانية لقانون الإضراب في مجلس النواب، مساء الثلاثاء، جدالا بين نواب المعارضة والأغلبية، حيث اعتبرت الأخيرة أن مشروع قانون الإضراب إصلاحًا يحقق التوازن بين الحق النقابي والاستقرار الاقتصادي منوهة بشجاعة الحكومة ووزير التشغيل يونس السكوري، فيما رأت المعارضة أن القانون تقييدا للإضراب وإقصاءً للحوار الاجتماعي، منبهة إلى أنه يعد “انتكاسة حقوقية.”
وصادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، مساء الثلاثاء، بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في قراءة ثانية بعد إحالته من مجلس المستشارين الذي صادق عليه في الجلسة العامة. وصوت لصالح مشروع قانون الإضراب كما أحيل من مجلس المستشارين، 11 نائبا، فيما رفضه 7 نواب، فيما لم يصوت بالامتناع أي نائب.
وأكد رضوان أعميمي أستاذ القانون، أنه بعد مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون التنظيمي للإضراب في قراءة ثانية، ستقول المحكمة الدستورية كلمتها وجوبا في مدى مطابقته لأحكام الدستور، وأتوقع أن تطول هذه المرحلة خاصة وأن منهجية الإحالة وحجم التعديلات وطبيعتها والمدة الزمنية التي استغرقتها ستطرح أكثر من صعوبة في علاقتها ليس فقط مع الدستور ولكن أيضاً على مستوى تناسق النص ودقة المفاهيم والتعريفات التي تضمنها.
عدد من الأحزاب المغربية أعربت عن تضامنها مع النقابات كمحطة نضالية مجتمعية بارزة
وفي جلسة تشريعية عامة شهدت المصادقة النهائية على مشروع القانون، قال يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن حق الإضراب صار شاملا لمبدأ الدفاع عن المصالح المباشرة وغير المباشرة، وهذه كانت من الأمور التي تمت المطالبة بها في مجلسي البرلمان، كما أضفنا أيضا الدفاع عن المصالح المعنوية، وليس فقط المادية، ونحن نعرف أنه في الماضي كانت هناك ممارسات كثيرة غير مقبولة.”
ومن وجهة نظر المعارضة أوضحت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن المنهجية المعتمدة في هذا القانون، مع الأسف، احتكمت لسلطة الأغلبية ولم يتم احترام منهجية التوافق داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي، ووجهت خطابها للأغلبية، وأنتم تمرون إلى السرعة القصوى للإجهاز على حقوق المغاربة وأن النقابات أعلنت عن خوض إضراب في القطاعين العام والخاص، وهو ما يؤكد غياب التوافق بشأن المنهجية، وأن التعديلات التي تم إدخالها في مجلس المستشارين ليست جوهرية.
من جانبه، انتقد سعيد بعزيز، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عدم التزام الحكومة بوعودها، موضحًا أنه منذ بداية المناقشة العامة والحكومة تتعهد بفتح حوار جاد ومسؤول مع النقابات، إلا أنها لم تفِ بذلك، مشيرا إلى أن الديمقراطية ليست مجرد أغلبية عددية، بل الاستماع للمجتمع، مشددًا على أن التاريخ سيسجل على هذه الحكومة انسحاب النقابات من المصادقة على قانون الإضراب ولجوئها إلى الشارع والإضراب العام.
وردا على ملاحظات المعارضة، أكد أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أن هذا القانون جاء لصالح العمال وليس لتقييد الإضراب، بل لتحديد المسؤولية وحماية مناصب الشغل والاستثمارات، مؤكدًا أنه إذا كانت هناك حسن نية من قبل النقابات والمشغلين، فإن هذا القانون سيكون في صالحهم. كما تحدى أي طرف أن يجد مادة واحدة تكبّل حق الإضراب، مشددًا على من أراد ممارسة السياسة، فليتجه إلى الأحزاب وليس النقابات.”
بدوره، أكد علال العمراوي، رئيس الفريق الاستقلالي، أن دور البرلمان هو التشريع للمواطنين وليس ممارسة العمل النقابي، مشددًا على أن الحوار الاجتماعي مؤسسة يُحترم رأيها، لكن التشريع يبقى من اختصاص المؤسسة البرلمانية، ولفت إلى إمكانية ظهور بعض الهفوات في القانون التي يمكن تصحيحها لاحقًا، لأنه ليس هناك قانون يتصف بالكمال، موردا أنه لا يمكن الاستمرار دون قانون.