إسبانيا تعول على المغرب في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية

الحكومة الإسبانية تشيد بالشراكة الإستراتيجية مع المغرب المبنية على الثقة التي تميز علاقاتهما السياسية والأمنية والإنسانية رفيعة المستوى.

أكد وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس أن العلاقات مع المغرب تمر بـ”أفضل لحظة في التاريخ”، مشيرا إلى أن الرباط تحظى بتقدير واسع من قبل الشركاء الأوروبيين، في مجالات مراقبة تدفقات الهجرة غير النظامية ومكافحة الإرهاب، كما أنها تضطلع بدور أساسي للغاية في مكافحة عصابات الاتجار بالبشر.

وأشادت الحكومة الإسبانية بالشراكة الإستراتيجية مع المغرب المبنية على الثقة التي تميز علاقاتهما السياسية والأمنية والإنسانية رفيعة المستوى، إذ ربط وزير الخارجية “التعاون المثالي” بين البلدين في مجالات الضبط الأمني والتجاري عبر معابر سبتة ومليلية، بالاتفاق السياسي بين الحكومتين لتحقيق هدف إنشاء جمارك تجارية تليق بالقرن الحادي والعشرين، ووضع حد للهجرة غير النظامية والتهريب، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الإسبانية أوروبا بريس.

وفي مجال ضبط الحدود خصصت إسبانيا 2.5 مليون يورو للمغرب في ديسمبر الماضي للمساعدة في ضبط تدفق الهجرة غير الشرعية، عبر المؤسسة الدولية والأيبيرية الأميركية للإدارة والسياسات العامة، المتخصصة في التعاون الدولي، ويرأس مجلس إدارتها وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل الباريس.

 

محمد الطيار: منظومة المغرب الأمنية استطاعت تجنيب أوروبا خسائر كبيرة
محمد الطيار: منظومة المغرب الأمنية استطاعت تجنيب أوروبا خسائر كبيرة

 

وتهدف هذه المساعدة إلى تعزيز قدرات المغرب في مجال مراقبة الحدود وتحسين مراقبة نقاط عبور المهاجرين، ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر وحماية جنوب أوروبا من تدفقات الهجرة، حيث أكد ألباريس أنه “بفضل التعاون مع المغرب، يتم منع الآلاف من الأشخاص من دخول إسبانيا بطرق غير قانونية”، مثنيا على سياسة الهجرة التي تتبعها إسبانيا مع شريكها المغرب.

وفي إطار هذه الدينامية الاستثنائية في العلاقات الثنائية، تميز عام 2024 بين المغرب وإسبانيا بتكثيف الشراكة الثنائية على جميع المستويات، وتأكيد الطابع الإستراتيجي للعلاقات التي تجمع البلدين الجارين، المبنية على الاحترام المتبادل والصداقة والتضامن.

وحتى لا يتم استغلال هذه الشراكة بشكل سيء، أعرب ألباريس عن استغرابه من مطالب الحزب الشعبي بفتح معبر سبتة على وجه السرعة، في حين لم يتم طرح هذه القضية من قبل أي جهة سياسية في إسبانيا حتى قررت حكومته (حكومة بيدرو سانشيز) إدراجها ضمن الأجندة الدبلوماسية لأول مرة، داعيا الحزب المعارض إلى التوقف عن “إعطاء الانطباع بأنهم يعملون، وبدلا من ذلك ترك المجال للذين يعملون فعليا لإنجاز المهمة.”

وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن التنسيق الأمني بين المغرب وإسبانيا لتفكيك الخلايا الإرهابية وضبط مجال الهجرة غير النظامية كان دائما وطيدا ومستمرا، معتبرا أن المغرب يضع ملف معبري سبتة ومليلية المحتلتين في إطار توفير الأمن والحد من محاولات استعمال الثغرين للهجرة غير النظامية إلى الضفة الأخرى.

وشدد محمد الطيار في تصريح لـه على أن ما قاله الباريس يتماهى مع حرص المغرب في علاقته مع أسبانيا على بناء الاستقرار والأمن الإقليمي، مؤكدا أن الخطر الإرهابي المرتبط بداعش لايزال قائما وحاضرا بقوة ويحتاج إلى تضافر الجهود وتبادل المعلومات الحيوية بهدف تحييد جميع التهديدات الإرهابية.

وارتباطا بالتعاون المغربي – الإسباني في المجال الأمني والقضائي ومكافحة المافيات والجماعات الإرهابية، أعلن الحرس المدني الإسباني الاثنين عن توقيف سبعة أشخاص للاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم داعش، وذلك في إطار عمليات أمنية نفذت بالتعاون الوثيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

وضمن التفاصيل التي أوردها الحرس المدني في بيان له، فقد تم توقيف ثلاثة مشتبه بهم في مقاطعة توليدو، وذلك بفضل معلومات قدمتها المديرية العامة للأمن الوطني حول مجموعة من الأفراد في مرحلة متقدمة من التطرف.

عام 2024 بين المغرب وإسبانيا تميز بتكثيف الشراكة الثنائية على جميع المستويات

وتأتي هذه المستجدات عقب عملية توقيف خلية موالية لداعش في منطقة حد السوالم الأحد الماضي، إذ بحسب معطيات التحقيق، فإن أحد الموقوفين يمارس تأثيرا على محيطه ويروج لخطاب دعائي ذي طابع جهادي، يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل العديد من مؤيديه، من بينهم قاصر تم توقيفه أيضا في إطار هذه العملية، حيث تم حجز معدات متعددة الوسائط تحتوي على محتويات تمجد التنظيمات الإرهابية وأعمال العنف، ولاسيما الهجمات الانتحارية.

وذكر الحرس المدني الإسباني أن العملية التي استفادت من دعم المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تم تنفيذها تحت إشراف محكمة التحقيق المركزية بالتنسيق مع النيابة العامة بالمحكمة الوطنية، وبدعم من اليوروبول، بهدف تفكيك شبكات التطرف ومنع التهديدات الإرهابية المحتملة.

وفي سياق التعاون النموذجي بين البلدين، اعتبر الخبير الأمني محمد الطيار أن هذا التعاون راجع إلى الثقة التي يحظى بها الأمن المغربي عالميا وعلى المستوى الأفريقي، خصوصا وأن منطقة الساحل الأفريقي التي ينشط فيها تنظيم داعش، خاصة في المثلث الحدودي الذي يجمع ما بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تهدد أوروبا من خلال إسبانيا، كون منطقة الساحل الأفريقي قريبة من المغرب وأوروبا.

لذلك، يؤكد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن إسبانيا تحرص جدا على توطيد العلاقة الدبلوماسية والسياسية والأمنية مع المملكة المغربية، مبرزا أنها حريصة أيضا على التعاون الأمني بحكم الخبرة المغربية في هذا المجال وأيضا النتائج التي حققتها المنظومة الأمنية طيلة العقود السابقة والتي استطاعت تجنيب أوروبا مذابح وخسائر كبيرة بحكم المعلومات الاستخبارية التي قدمتها لمدريد.

وفي سياق التعاون الأمني المستمر بين البلدين، تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في عملية أمنية مشتركة مع المفوضية العامة للاستعلامات الإسبانية، في يناير 2022، من تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم داعش، تتكون من ثلاثة عناصر ينشطون في كل من إسبانيا والمغرب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: