جدل حول أبيات شعرية لسعيد أبرنوص: بين حرية التعبير والمسؤولية المؤسسية
أثارت أبيات شعرية منسوبة للشاعر والكاتب المسرحي المغربي سعيد أبرنوص جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها العديد من المغاربة إساءة إلى المرأة المغربية والشرفاء المغاربة. وتأتي هذه الضجة في سياق خاص، إذ إن أبرنوص يُعد إطارًا بوزارة التربية الوطنية، مما يطرح تساؤلات حول مدى توافق مواقفه الأدبية مع مسؤولياته داخل مؤسسة تُعنى بتنشئة الأجيال وتربيتها على قيم الاحترام والمساواة.
ردود الفعل العنيفة التي تبعتها تدوينة سعيد أبرنوص تُظهر أن مضمون الأبيات الشعرية قد مسّ مكانة المرأة المغربية، التي تحظى بتقدير كبير في المجتمع المغربي، والتي أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس مرارًا على ضرورة تعزيز حقوقها، كما رأينا في التعديلات الأخيرة لمدونة الأسرة.
أثارت الأبيات موجة استنكار بين النشطاء، حيث طالب البعض بتدخل الجمعيات الحقوقية المدافعة عن المرأة، معتبرين أن مثل هذه التصريحات، حتى وإن جاءت في إطار شعري، تكرس نظرة سلبية تتعارض مع المكتسبات القانونية والاجتماعية التي تحققت لصالح المرأة المغربية.
كما تساءل آخرون عن مدى ملاءمة هذه التصريحات مع موقع أبرنوص كموظف في وزارة التعليم، حيث رأى البعض أن “المسؤول التربوي ينبغي أن يكون قدوة في احترام قيم المساواة والكرامة”، بينما دافع البعض الآخر عن حقه في التعبير، معتبرين أن الأدب والشعر مساحة للإبداع والتعبير الحر، حتى وإن أثار الجدل.
هذا الجدل يسلط الضوء على الإشكالية الأزلية بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بشخصيات عمومية أو مسؤولة في الدولة. فبينما يرى البعض أن الأديب أو الشاعر يجب أن يكون حرًا في التعبير عن أفكاره دون قيود، يرى آخرون أن هذا الحق يجب أن يكون مقرونًا بالمسؤولية، خاصةً إذا كان المتحدث يشغل منصبًا رسميًا في قطاع حيوي كالتعليم.
إلى حدود الساعة، لم يصدر أي موقف رسمي من وزارة التربية الوطنية حول هذا الموضوع، لكن الجدل المستمر قد يدفع الجهات المسؤولة إلى اتخاذ موقف واضح، خاصةً إذا استمرت الضغوط من قبل الجمعيات الحقوقية والمنظمات النسائية.
بين مؤيد ومعارض، يبقى الجدل حول أبيات سعيد أبرنوص نموذجًا لصراع دائم بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية، خصوصًا عندما يكون المتحدث شخصية ذات تأثير في المجتمع. ويبقى السؤال المطروح: إلى أي حد يمكن أن يكون الإبداع الأدبي مبررًا لتجاوز القيم التي يسعى المجتمع لترسيخها؟