الحكومة المغربية تؤكد وفاءها بوعودها بشأن قانون الإضراب بعد مصادقة البرلمان

ماموني

الحكومة تهدف من مشروع القانون إلى تشجيع التفاوض بين المشغلين والأجراء وتحقيق التوازن بحماية حرية العمل.
صادقت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، في ختام اجتماع امتد إلى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة بالأغلبية على مشروع قانون الإضراب، الذي أكدت الحكومة أنه يحترم التشريعات الدولية ذات الصلة بحق الإضراب إضافة إلى مطالب الشركاء الاجتماعيين.

وأكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات يونس السكوري أن عملية التصويت على التعديلات كللت “بتحقيق مجموعة من المنجزات، أولها أن الحكومة أوفت بوعودها وتجاوبت مع رغبة الشركاء الاجتماعيين وبالتالي تحقيق التوازن في هذا القانون عبر تعريف أشمل للإضراب، سمح بالإضافة إلى ما تم اعتماده في مجلس النواب، بتوسيعه ليشمل المصالح غير المباشرة للعمال، والسماح بالإضراب لأسباب معنوية فضلا عن المادية.”

وخلال الاجتماع، الذي خصّص لمناقشة التعديلات التي تقدمت بها مختلف الفرق والمجموعات البرلمانية لتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب والتصويت عليها، حظي مشروع القانون التنظيمي بموافقة 10 مستشارين، فيما عارضه 5 آخرون، حيث تم تقديم ما مجموعه 218 تعديلا تتعلق بمختلف مواد مشروع القانون، وافقت الحكومة على عدد منها، فيما تم رفض أو سحب تعديلات أخرى، وكذلك حذف مواد وإضافة أخرى جديدة لهذا النص التنظيمي.

واعتبر أعضاء لجنة الشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين أن مشروع قانون ممارسة الحق في الإضراب في صيغته الجديدة يعد نقطة تحول هامة في تنظيم الحق في الإضراب، الذي يُعد وسيلة لضمان حقوق الطبقة العاملة وحماية مصالح المشغلين، ويساهم في تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات.

 

عمر الشرقاوي: قانون الإضراب طال أمد خروجه لعقود من الزمن
عمر الشرقاوي: قانون الإضراب طال أمد خروجه لعقود من الزمن

 

وأوضح الوزير السكوري أن الحق في الإضراب يشمل جميع فئات المجتمع دون استثناء، من إجراء القطاع الخاص وموظفي القطاع العام، والعمال غير الأجراء والعمال المستقلين وكل من هو مستثنى من مدونة الشغل والعاملات والعمال المنزليين وكذلك المهنيين، مسجلا أن الحكومة “تجاوبت أيضا، مع رغبة الشركاء الاجتماعيين بالنسبة إلى آجال الدعوة إلى الإضراب في القطاع الخاص، إذ تم تقليصها من 10 إلى 7 أيام، وآجال الإخطار من 7 إلى 5 أيام، وكذلك الأمر في ما يتعلق بالرفع من العقوبات على المشغلين الذين لا يحترمون هذا القانون، حيث تم الرفع من الغرامات بمقتضى التعديلات التي تم قبولها لتصل إلى 200 ألف درهم عوض 20 و30 و50 ألف درهم.”

وتم إدراج مادة مهمة باقتراح من الأغلبية، تنص على أنه لا يمكن تطبيق الإكراه البدني في حق العامل الذي قام بالإضراب وخالف إحدى المقتضيات الموجبة للغرامة، إذا كان في حالة عسر، كما سجّل برلمانيون، أن القطاعات الحيوية مثل الصحة والنقل والتعليم، التي تعد عصب الحياة اليومية للمواطنين، تحتاج إلى آليات قانونية واضحة تضمن الحد الأدنى من الخدمات خلال فترات الإضراب، بما يحقق التوازن بين ممارسة هذا الحق الدستوري وضمان استمرار المرافق العمومية الأساسية.

وأكد عمر الشرقاوي الأستاذ الجامعي في تصريح له أن الحكومة نجحت في كسب مصادقة لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس المستشارين على قانون الإضراب الذي طال أمد خروجه لعقود من الزمن ووقف معاناة عشرات الآلاف من الموظفين والمستخدمين الذين يتم الاقتطاع من أجورهم دون وجه قانون بسبب ممارستهم لحق الإضراب كحق دستوري، مضيفا أنه لم يبق له لإنهاء المسار التشريعي سوى الجلسة العامة للغرفة الثانية التي ستعقد الاثنين القادم، بعد ذلك سيتم إحالة نص قانون الإضراب على المحكمة الدستورية من أجل فحص مدى مطابقته للدستور.

ووفق التعديلات التي تقدمت بها أكبر النقابات، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أصرتا على أن ينص مشروع القانون على أن “الحق في ممارسة الإضراب يشكل أبرز تجليات الحرية النقابية باعتباره وسيلة للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والمعنوية للطبقة العاملة ولكل فئات المجتمع كالمهنيين والطلبة”؛ بالإضافة إلى كونه “حقا من حقوق الإنسان الأساسية وحقا دستوريا، واستنادا إلى المواثيق الدولية التي تضمن الحق في ممارسة الإضراب.”

 

محمد البكوري: الوثيقة القانونية تضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب وتؤطره
محمد البكوري: الوثيقة القانونية تضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب وتؤطره

 

وأكد الوزير السكوري أنه من خلال هذا القانون، تم احترام التشريعات الدولية ذات الصلة بحق الإضراب، فضلا عن عدد من مطالب الشركاء الاجتماعيين، باستثناء التعديلات التي تنص على “الإضراب الفجائي غير المقبول على المستوى الدولي”، مسجلا أن الحكومة تهدف من خلال مشروع القانون إلى تشجيع التفاوض بين المشغلين والأجراء، والحرص على تحقيق التوازن من خلال حماية حرية العمل، وكان هدفنا الدفاع عن الطبقة الشغيلة وعن حقها في ممارسة الإضراب، بالحرص على قبول التعديلات التي من شأنها حماية حرية العمل، كما أن الحكومة حرصت كذلك على حماية حقوق المجتمع من خلال الحرص على عدم تأثر صحة المواطنين وسلامتهم وأمنهم بالإضراب.

وقال رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار محمد البكوري، خلال مناقشة مشروع قانون الإضراب، إن هذه الوثيقة القانونية تضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب وتؤطره، وتقطع مع كل سلوك فوضوي دون ضوابط واضحة لممارسته.

وفي الوقت الذي نبّه فيه المستشارون البرلمانيون أثناء مناقشة التعديلات بأن الإضراب في القطاع الصحي قد يعرقل تقديم الرعاية الطبية الطارئة، وتوقف خدمات النقل قد يُسبب شللًا في حركة حياة المواطنين، أشار الوزير السكوري إلى أن الحالات الاستثنائية (حالة الأزمة الوطنية الحادة أو الكارثة الطبيعية) هي الوحيدة التي يمكن بسببها للسلطة الحكومية أن تتدخل لوقف أو منع الإضراب، مشيرا إلى أن هذا البند هو محط إجماع على مستوى منظمة العمل الدولية، مشددا على أن الصيغة الحالية لمشروع القانون “متوازنة”، وأوضح في ما يتعلق بالديباجة وعلاقتها بالمادة الأولى من مشروع القانون، أنه بالنظر إلى وجاهة التعديلات التي تم طرحها “أخذت الحكومة على عاتقها دراسة هذا الموضوع في أفق انعقاد الجلسة العامة” التي ستخصص للدراسة والتصويت على مشروع القانون.

ويعود مشروع قانون تنظيم الإضراب إلى نحو 10 أعوام مضت، حين أحالته الحكومة إلى البرلمان للمرة الأولى أوائل 2015. لكن لم يتم إحراز تقدم بشأنه جراء معارضة النقابات وبعض الأحزاب، التي رأت أنه “يقيد” حقوقا دستورية للعمل مثل الحق في الإضراب. وفي يوليو 2024، أدرجت الحكومة مشروع القانون مرة أخرى على جدول أعمال البرلمان.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: