المغرب يعتزم تحويل معبر الكركرات إلى ممر استراتيجي للنقل البري

وزير الخارجية المغربي يؤكد أن الإشعاع الدبلوماسي لمدينة الداخلة سيجعل الدول الأفريقية ترى الصحراء فرصة للتنمية وحل المشاكل.

أعلن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الأربعاء، أن بلاده تسعى لإبرام اتفاقيات دولية بهدف جعل معبر الكركرات الحدودي إقليم الصحراء المغربية “ممرا استراتيجيا” للنقل البري.

وقال بوريطة خلال اجتماع للجنة الخارجية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، خُصص للمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية حضرته وسائل الإعلام “نريد أن يصبح معبر الكركرات محورا طرقيا مهما”، مشيرا إلى أن “اتفاقيات النقل البري لها أهمية كبرى، ونسعى إلى توقيع المزيد منها لتعزيز دور المعبر كممر استراتيجي”.

وأضاف “حتى الآن وقعنا (في إطار هذا الهدف) نحو 10 اتفاقيات ثنائية مع دول صديقة”.

ويعتبر معبر كركرات المعبر الوحيد الذي يربط بين المغرب وموريتانيا، وهو ما يجعله الطريق الذي تسلكه التجارة التي تربط بين الرباط ودول جنوب الصحراء، وبمثابة مسلك للسلع القادمة من هذه الأخيرة والمتجهة صوب المغرب أو أوروبا.

وتسعى الرباط ونواكشوط إلى تمتين العلاقات في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، وتجسد ذلك من خلال توقيع عدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات مختلفة.

وقد شهد التعاون التجاري بين البلدين تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، لاسيما مع كون المغرب أكبر مستثمر أفريقي في موريتانيا. حيث توجد العديد من الشركات المغربية في قطاعات حيوية مثل البنوك والاتصالات والزراعة والصناعات الغذائية، فضلاً عن الحضور في قطاعي البناء والطاقة.

وكان المغرب قد أعلن في 14 نوفمبر 2020 تحرير معبر الكركرات بعد طرد مرتزقة تابعة لجبهة بوليساريو عرقلوا حركة المرور بين المغرب وموريتانيا على مستوى هذه النقطة الحدودية لأزيد من أسبوعين.

ولم يتحرك المغرب إلا بعد أن تعطلت محاولات متكررة للتهدئة رعتها الأمم المتحدة وبعثة المينورسو وموريتانيا، فيما رفضت بوليساريو كل تلك الوساطات.

ولقيت خطوة الغرب دعما أوروبيا وعربيا واسعا وتنديدا بإصرار بوليساريو على انتهاك الشرعية الدولية.

ومباشرة بعد تحرير معبر الكركرات، قامت القوات المسلحة الملكية بإنشاء جدران أمنية تمنع المنتمين إلى بوليساريو من الوصول إلى المنطقة مجددا، وأيضا إصلاح وتزفيت الطريق التي تصل إلى الحدود الموريتانية والتي كان الانفصاليون قد تعمدوا تخريبها لعرقلة حركة المرور.

كما شرعت السلطات المغربية في تشييد مسجد كبير بالمنطقة الحدودية بتكلفة 8.8 ملايين درهم، في خطوة تُعد بداية لتنمية المنطقة وتعزيز بنيتها التحتية.

ويكتسب المعبر الحدودي كركرات أهمية اقتصادية مطردة ووزنا إستراتيجيا في المنطقة، وحسب معطيات تقرير إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالمغرب، ارتفعت حركة السير على الطرق التي تمر عبر هذا المعبر بشكل كبير عام 2022، حيث بلغ عدد الشاحنات العابرة للمعبر في الاتجاهين قرابة 45 ألف شاحنة.

ونقل موقع “اليوم 24” المحلي عن بوريطة قوله إن “الإشعاع الدبلوماسي لمدينة الداخلة “سيجعل الدول الأفريقية ترى الصحراء فرصة للتنمية وحل المشاكل وليس مشكلا”.

وأوضح بوريطة في الاجتماع للجنة الخارجية بمجلس النواب، لمناقشة عدد من مشاريع القوانين المتعلقة باتفاقيات دولية، أنه تم لحد الآن توقيع نحو 10 اتفاقيات دولية في مدينة الداخلة، كما احتضنت المدينة 6 لقاءات للجان المشتركة.

وأفاد المسؤول الحكومي، بأن 15 قنصلية توجد لحد الآن بمدينة الداخلة، بالإضافة إلى معهدين دوليين، وهما، المعهد الإفريقي للتنمية، ومعهد حماية الأطفال من التجنيد والنزاعات المسلحة.

من جهة أخرى، قال بوريطة ” نؤكد دائما على أن مصداقية العمل الدبلوماسي المغربي ليست هي التفاوض والتوقيع على الاتفاقيات الدولية، وإنما التصديق عليها، والذي وقع اتفاقية عليه أن ينفذها ويحترمها “.

وأضاف “حتى وإن كانت وزارة الخارجية هي التي تقدم الاتفاقيات، ولكن كل قطاع معني بتنفيذ الاتفاقية التي تعنيه، وجلالة الملك حريص على أن تتميز الدبلوماسية المغربية بالمصداقية، لن نوقع حتى نتأكد، وتوجد اتفاقية لم نوقعها إلا بعد أربع سنوات من التفاوض والتأكد من مضمونها “.

وقال أيضا “يمكن أن نكون متشددين في التفاوض، لكن إن وقعنا الاتفاقية وصادقنا عليها يجب أن نحترم بنودها، لأن هذا هو أساس مصداقية العمل الدبلوماسي المغربي”.

وصادقت اللجنة الوطنية للاستثمارات بالمغرب الأربعاء على 20 مشروع اتفاقية بميزانية 17.3 مليار درهم (1.73 مليار دولار)، من شأنها توفير 27 ألف فرصة عمل تهم 14 إقليما، وتشمل على وجه الخصوص بني ملال (شمال) وكلميم (جنوب شرق) وطانطان (إقليم الصحراء).

وتتعلق هذه المشاريع بـ 7 قطاعات هي السياحة والطاقات المتجددة والصناعة الغذائية وصناعة السيارات وصناعة التلفيف وصناعة منتجات الإضاءة وترحيل الخدمات”.

وأوضح بيان لجنة الاستثمارات أن “السياحة تعد القطاع الرئيسي على صعيد عدد فرص العمل المرتقب إحداثها بفضل المشاريع المصادق عليها، حيث يتوقع أن يخلق هذا القطاع 42 بالمئة من إجمالي فرص العمل، يليه قطاع السيارات بـ 24 بالمائة، وقطاع الصناعة الغذائية بـ 13 بالمائة، ثم قطاع ترحيل الخدمات بـ 8 بالمائة”.

وتعد السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي في المغرب خلال 2023، بقيمة 10 مليارات دولار بعد تحويلات المغتربين بالخارج البالغة 11.6 مليار دولار خلال نفس الفترة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: