أي دور للدبلوماسية البرلمانية في معاضدة قضية الصحراء المغربية

ماموني

تشكل قضية الصحراء أولوية كبرى في حقل السياسة الخارجية المغربية، التي تولي أهمية قصوى لهذا الملف الذي عرف تحولات مهمة في الآونة الأخيرة. ودفعت هذه التحولات أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، في كلية الحقوق أيت ملول – جامعة ابن زهر، محمد لكريني إلى تناول الملف من زاوية دور الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن هذا الملف، في كتاب عنونه بـ”الدبلوماسية البرلمانية وقضية الصحراء المغربية”، ما يسلط الضوء على الجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية في سبيل التعاون مع منظمة الأمم المتحدة منذ طرح المخطط الأممي لتسوية الملف وطيّه بعدما ظل عالقا لأزيد من أربعين سنة.

ويتناول الكتاب الذي حصره في 206 صفحات من الحجم المتوسط مجموعة من المحاور الهامة، بداية بالحديث عن مفهوم الدبلوماسية البرلمانية وآليات تنفيذها، ودور البرلمان بمجلسيه في الترافع عن قضية الصحراء.

وجاء في الكتاب أن الظرفية الدولية الراهنة بقضاياها المعقدة تفرض انفتاحا حقيقيا من قبل صانعي القرار السياسي على الدبلوماسية الموازية بقنواتها المختلفة، وخصوصا البرلمانية منها، إلى جانب الدبلوماسية الرسمية التقليدية، بفعل تشابك الأزمات والقضايا وتعقّدها، والتي تؤكد كل يوم صعوبة تدبيرها من طرف واحد، خصوصا وأن تدبير الشؤون الخارجية حكر على السلطة التنفيذية، إلى أن أصبحت البرلمانات تتحرك في هذا المجال دون أن تقتصر على مهامها التقليدية المرتبطة بالتشريع ومراقبة أنشطة الحكومة، لأن الاهتمام بحقل السياسة الخارجية هو امتداد للسياسة الداخلية.

ولهذا واستيعابا منها لهذه المتغيرات والتحديات يؤكد الكاتب أن المملكة المغربية التزمت في دستور 2011 بتنويع العلاقات الاقتصادية والثقافية، والقيام بشراكات بنّاءة، والدفاع عن المصالح الحيوية للمغرب في مختلف المحافل الدولية، بما يسمح بتفعيل المنهج التشاركي الكفيل بمساهمة مختلف القوى الفاعلة في المجتمع في تنفيذ المقتضيات الدستورية المعدلة لتحقيق الأهداف المنشودة في حقل السياسة الخارجية.

 

◙ الكتاب يتناول مفهوم الدبلوماسية البرلمانية وآليات تنفيذها ودور البرلمان بمجلسيه في الترافع عن قضية الصحراء

ونظرا للمتغيرات الجيوسياسية والمحيط الإقليمي المتغير أكد لكريني  أن “اختيار هذا الموضوع جاء باعتبار قضية الصحراء المغربية تأتي على رأس أولويات القضايا المصيرية للمغرب من جهة، ومن جهة أخرى مناقشة الأدوار الهامة التي يمكن أن يلعبها البرلمان المغربي في الترافع حول الوحدة الترابية للمغرب في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.”

ولفت لكريني إلى أن البرلمان يعد آلية مهمة لإبراز سيادة المغرب على صحرائه في مختلف الأمميات، بل الأكثر من ذلك البرلمان بمجلسيه لديه مجموعة من الآليات التي يمكن من خلالها مناقشة هذه القضية المحورية في حقل السياسة الخارجية المغربية (رئيسا مجلسي البرلمان، مكتبا المجلسين، لجنة الخارجية، مجموعة الصداقة والأخوة)، فهذه الآليات أيضا تمكن من مناقشة مختلف القضايا والتحديات المشتركة بين برلمانات الدول لأن أعضاء هذه المؤسسات الأخيرة يمكنهم الوصول إلى حكوماتهم ومن ثمة دعم الموقف المغربي الذي يعتبر أن الحكم الذاتي هو أقصى ما يمكن تقديمه في هذا السياق.

وقارب المؤلف هذا الموضوع بنفس أكاديمي لإعطاء رؤية شاملة ومتكاملة للدبلوماسية البرلمانية المغربية ومساهمتها في دعم الدبلوماسية الرسمية، حيث تفرض الظرفية الراهنة إشراك الدبلوماسية الموازية بعد تزايد وتيرة التحديات على المستوى الدولي، لأن الدبلوماسية الرسمية لم تعد بوسائلها وآلياتها التقليدية قادرة وحدها على تدبير كل الملفات العالقة، بل أصبحت الكثير من الدول تعتمد العمل التكاملي بين الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية، من أجل دبلوماسية ذات فاعلية في الترافع عن القضايا الوطنية.

واعتبر لكريني أن المجال البرلماني حيوي في بناء مرافعة واضحة ومتماسكة تنهل من التوجهات السياسية الخارجية للمملكة وتبدع طرقا ومسارات للدفاع عن وحدة التراب المغربي، ضمن الأولويات التي تخدم السيادة مع إلمام بالمتغيرات الدولية لدعم صناع القرار، وهذا يعني حسب المؤلف ضرورة أن تكون الشخصيات البرلمانية ملمّة وذات تكوين متين سواء على المستوى القانوني أو السياسي، إلى جانب نسج العلاقات الشخصية مع صانعي القرار على المستوى الدولي.

ويتناول الكاتب نجاح الدبلوماسية المغربية في كسر عدد من القيود على هذا الملف واعتراف عدد كبير من الدول بسيادة المغرب على الصحراء، ولهذا لم يقف عند هذا الحد بل بدا متشبثا بالأدوار التي يمكن أن يلعبها النائب كمشرع إلى جانب دوره كسفير يترافع عن قضايا بلده أمام نظرائه بالخارج خصوصا في المجال الأفريقي، مسلطا الضوء على ما سيربحه المغرب من تعميق ديناميكية فاعلة للدبلوماسية البرلمانية والفرص التي يجب استثمارها للدفاع عن المصالح العليا والقضايا الوطنية.

ولم يغب عن لكريني ما يمكن أن تقوم به الدبلوماسية البرلمانية كداعم للأوراش التي فتحتها المملكة سواء الاقتصادية أو الاستثمارية، وأيضا أدوار الوساطة من خلال الحضور الدبلوماسي البرلماني داخل المجال الأوروأفريقي، واستثمار هذا التواجد في تثبيت السياسة الخارجية للمملكة ومدى تأثيرها وحيويتها الدبلوماسية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: