صدارة أفريقيا نقطة تحول لآفاق السياحة المغربية عالميا
يفتح تصدر المغرب الوجهات السياحية في أسواق قارة أفريقيا، الباب أمام هذه الصناعة لتنفيذ خطواتها التالية، والمتمثلة في دخول النادي العالمي لأفضل الأماكن جاذبية للزوار بفضل خطط الحكومة لتطويرها عبر الاستثمار وزيادة التوظيف والتنظيم والترويج.
يشكل إعلان المغرب مؤخرا تصدره للوجهات السياحية في أسواق أفريقيا خلال عام 2024، إيذانا بالدخول في تحد جديد وهو تعزيز نشاط هذا القطاع المهم للاقتصاد حتى يكون ضمن كوكبة الوجهات العالمية الأفضل في غضون سنوات.
وأعلنت وزارة السياحة أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا المغرب خلال العام الماضي، رقم غير مسبوق في تاريخ القطاع بالبلاد.
واستقطب البلد العام الماضي 17.4 مليون سائح، بزيادة بلغت 20 في المئة على أساس سنوي، متجاوزا مصر التي استقبلت 15.7 مليون سائح وجنوب أفريقيا بنحو 11.7 مليونا، وتونس بواقع عشرة ملايين زائر.
وبهذا العدد من السياح، وصل المغرب إلى الهدف الذي كان يطمح إليه خلال عام 2026 وهو 17.5 مليون سائح، وفق متحدث الحكومة مصطفى بايتاس.
ويسعى المغرب ليصبح ضمن أفضل 15 وجهة عالمية، وفق وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، وهو ما جعله يواصل تحفيز الاستثمارات بالقطاع، خاصة مع اقتراب أحداث كبرى مثل كأس أمم أفريقيا لكرة القدم 2025، وكأس العالم لكرة القدم 2030.
وتصدر البلد الوجهات السياحية في أفريقيا خلال العام الماضي، مدفوعا بانتعاش القطاع خلال الأشهر القليلة الماضية. وأكد بايتاس خلال مؤتمر صحفي بالرباط أن بلاده “تعد أول وجهة سياحية في أفريقيا خلال 2024.”
واعتبر أن “المغرب حقق في 2024 رقما قياسيا في عدد السياح. ولفت إلى أن بلاده وصلت إلى الهدف الذي كانت تطمح إليه خلال عام 2026، وهو 17.5 مليون سائح الذي تحقق العام الماضي.”
وقال محمد جدري، الاقتصادي المغربي، إن “تصدر البلاد المرتبة الأولى على المستوى السياحي بالقارة لم يأت بمحض الصدفة، بل يرجع الأمر إلى عمل قامت به البلاد خلال السنوات العشر الماضية.”
وأشار في تصريح له، إلى أن بلاده “قامت بدعم مالي مباشر خلال جائحة كورونا للعاملين بالقطاع السياحي بمقدار ألفي درهم (200 دولار) شهريا لكل عامل، مما جعل القطاع يحافظ على اليد العاملة بالقطاع، وضمان عدم انتقالها إلى قطاعات أخرى.”
وأوضح أنه تم تقديم دعم مباشر بنحو ملياري درهم (200 مليون دولار) للفنادق والمطاعم والنقل السياحي، ووكالات السفر، من أجل إعادة تأهيل مؤسساتهم بعد انتهاء جائحة كورونا.
وأكد أن من بين أسباب استقطاب أكثر من 17 مليون سائح “الزخم الذي عرفته البلاد في عدد من القطاعات، ومشاركة منتخب كرة القدم في مونديال قطر 2022، مما أعطى إضافة نوعية لقطاع السياحة بدرجة أساسية، وسرع من تحقيق هدف 2026 قبل سنتين.”
ويعتمد نجاح الخطط على مجالات عدة، أبرزها تقوية العرض السياحي الترفيهي لإطالة فترة إقامة السائح، وزيادة الخطوط الجوية والرحلات، وزيادة حملات التسويق في الخارج، والاستثمار أكثر في أنشطة الترفيه، وتدريب اليد العاملة المؤهلة للعمل في القطاع.
وأطلقت الحكومة استثمارات في القطاع بمختلف المناطق، فضلا عن تأهيل وتدريب الرأس المال البشري، وتنوع المناطق السياحية، ودخول شركات جديدة للاستثمار في القطاع.
ووضع المسؤولون منذ مطلع 2024 جزءا كبيرا من رهاناتهم على تحفيز صناعة السياحة خلال المرحلة المقبلة من أجل جذب المزيد من الاستثمارات باعتبارها أحد المحركات المهمة لتنمية الاقتصاد.
وتستقطب هذه الصناعة التي تعول عليها السلطات كثيرا في التنمية، استثمارات سنوية بأكثر من 8 مليارات درهم (800 مليون دولار) في المتوسط، بحسب أرقام وزارة السياحة.
وعلاوة على ذلك، تعتزم الخطوط الجوية الملكية مضاعفة أسطولها ليرتفع من 50 طائرة حاليا إلى مئتي طائرة في العقد المقبل، وهو ما سيشكل دفعة جديدة للقطاع.
وفتح المغرب خطوطا جوية إضافية إلى أسواق سياحية رئيسية مع الترويج لوجهات جديدة داخل البلاد وتشجيع تجديد الفنادق.
وفي ديسمبر الماضي، أكدت عمور أن الحكومة ستواصل تحفيز الاستثمارات في القطاع السياحي مع اقتراب التظاهرات الرياضية الكبرى.
أفضل الوجهات الأفريقية في 2024
- 17.4 مليون سائح جذبهم المغرب
- 15.7 مليون سائح جذبتهم مصر
- 11.7 مليون سائح جذبتهم جنوب أفريقيا
- 10 ملايين سائح جذبتهم تونس
وقالت خلال اجتماع المجلس الإداري للشركة المغربية للهندسة السياحية إن بلادها “تواصل تحفيز الاستثمارات في قطاع السياحة، خاصة مع اقتراب أحداث كبرى مثل كأس أمم أفريقيا 2025، وكأس العالم 2030 اللذين ستستضيفهما المملكة.”
وأوضحت أن المغرب يتطلع إلى “توفير 150 ألف سرير بحلول 2030، وتعزيز العرض الترفيهي في البلاد.”
وسبق أن ذكرت الحكومة في 2022، أنها تسعى إلى زيادة عدد الوافدين، خاصة أن البلد مقبل على تنظيم تظاهرات رياضية ومؤتمرات دولية كبيرة.
وكانت السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي في المغرب خلال 2023، بقيمة 10 مليارات دولار، بعد تحويلات المغتربين بالخارج البالغة 11.6 مليار دولار في ذلك العام.
ورغم الطموحات الكبيرة للدولة من أجل الحفاظ على ريادة هذه الصناعة، لكن جدري يرى أن الاقتصاد يعتريه عدد من النواقص التي يجب تجاوزها، مثل ضعف عائدات السياحة.
وقال “رغم أن المغرب هو الأول أفريقيا بأكثر من 17.4 مليون سائح، إلا أن مصر تتفوق من حيث عائدات القطاع، بواقع 14 مليار دولار مقارنة مع 11 مليار دولار.”
وأرجع هذا الفرق إلى مدة المكوث التي يقضيها السائح بمصر، والتي تفوق المغرب بكثير، حيث حققت مصر السنة الماضية أكثر من 150 مليون ليلة مبيت، مقابل 30 مليون مبيت بالمغرب.
وأوضح أن السياح الذين يزورون المغرب يمكثون مددا قصيرة تصل إلى ثلاثة أو أربعة أيام في حين مصر تفوق هذه المدة ثمانية أو تسعة أيام.
ولا تزال السوق الأوروبية هي المصدر الرئيسي للسياح بحصة تبلغ 70 في المئة، وهو أمر اعتبرت عمور أنه يستوجب اهتماما. وقالت “لا يمكننا أن نعتمد على هذه السوق فقط، لأنه إذا أردنا تحقيق النمو بوتيرة أسرع فلا بد من التنويع.”
وفي محاولة للتنويع، لجأت وزارة السياحة إلى افتتاح مكاتب تمثيلية في بلدان عدة تعتبرها مهمة، مثل الولايات المتحدة وكندا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل.