برعاية جزائرية: الساحل في مرمى الإرهاب.. اختطاف إسباني واختفاء أربعة سائقين مغاربة

الصحفأكد تعرض سائقين مغاربة للاختطاف، السبت الماضي، في منطقة تقع بين شمال شرق بوركينا فاسو وغرب النيجر، ما سبق أن أعلنه المغرب، في لقاء عقد نهاية الأسبوع المنصرم، من خطورة الأوضاع بالمنطقة، حين عرض تجربته في محاربة الإرهاب عبر الاستعانة بالدرونات، على دول المنطقة، في ظل تنامي نشاط الجماعات الانفصالية الإرهابية.

وتابعت يومية «الأحداث المغربية»، في عددها الصادر ليوم الثلاثاء 21 يناير 2025، هذه المستجدات، مشيرة نقلا عن معطيات صادرة عن سفارة المغرب ببوركينا فاسو، إلى أن أربعة سائقي شاحنات مغاربة تعرضوا، صباح السبت الماضي، للاختطاف، بين مدينة «دوري»، الواقعة في شمال شرق بوركينا فاسو ومدينة «تيرا»، الواقعة بغرب دولة النيجر، مبينة أنه تم التواصل مع السلطات البوركينابية، التي باشرت عمليات بحث لتحديد مكان ومصير السائقين المغاربة المفقودين.

وأوضحت اليومية، وفقاً للمصدر ذاته، أن السائقين المغاربة كانوا قد سلكوا طريقا تنشط فيه مجموعات إرهابية وقطاع طرق، حيث أصبح ينصح بعدم سلك بعض الطرق غير المؤمنة، والتي تستغل من قبل هذه المجموعات الخارجة عن القانون، والتي تمارس نشاطها خدمة لأجندات إجرامية أو إرهابية، أو لأهداف مرتبطة بمصالح سياسية لدول مارقة، تستغل هذه المجموعات لتحقيق مخططات انتقامية، مؤكدةً أن الجميع بات مقتنعا أن النظام العسكري في الجزائر، الذي يطلق في العلن أنه ضد التدخل في الشؤون الداخلية للدول، يمارس في الخفاء ممارسات مارقة، عبر دعم الإرهاب ومحاولة الانقلاب على جيرانه، حيث أضحى الكابرانات مثل الثور المذبوح الذي يجر كل شيء يقع في طريقه بفعل حرارة السكين التي قطعت أوصال عنقه، حيث إن التصريحات التي أطلقتها مالي مؤخرا، واتهمت من خلالها النظام الجزائري بدعم الإرهاب في بلاده، لم تكن إلا القشة التي كشفت حقيقةً كانت مغيبة لسنوات، وتأخذ للتغطية عليها شعار دعم «الشعوب المضطهدة»، مثلما حدث مع المغرب، وفي حقيقتها دعم واضح للإرهاب ونشر للفوضى تحت يافطة «إنسانية».

وأضافت الجريدة أن اختطاف السائقين المغاربة يتقاطع مع عملية اختطاف جرت في التوقيت نفسه تقريبا، حيث تعرض مواطن إسباني للاختطاف في الجنوب الجزائري، وجرى نقله لشمال مالي من قبل عصابة مسلحة، حيث لا يزال مصيره غامضا، ما يزيد من حجم الاضطراب الذي تعرفه هذه المنطقة، والذي نبه المغرب له مرارا، وعرض تجربته في محاربة الجماعات الانفصالية في تندوف، عبر اللجوء لتقنيات الحرب عبر الدرونات، من أجل تنفيذها في منطقة الساحل.

وبيَّن مقال «الأحداث المغربية» أنه مثلما نجح المغرب، وعلى امتداد خمسة عقود في إفشال هذا الإرهاب الجزائري، عبر بوابة ديبلوماسية وسياسية، فضحت الأجندة الجزائرية في المحافل الدولية، وأيضا عبر بوابة العمل العسكري، الذي حجَّم قدرات النظام الجزائري، وصنيعته «بوليساريو»، وعزله داخل الفضاء المحدد له، لمستوى جعل كل تحركاته تحت أنظار وضربات الدرونات المغربية، التي أنهت التهديدات بالعمليات العسكرية ضد مصالح المملكة، مشيرا إلى أن هذا الواقع في الصحراء المغربية أصبح نموذجا في إفريقيا، حيث يحاول النظام العسكري استنساخه في حربه مع عدد من دول القارة، وخاصة دول الساحل.

وأضافت اليومية أن مجلة «جون أفريك»، كشفت الأسبوع الماضي، تراجع نفوذ الجزائر بهذه المنطقة، والتي كانت تلعب فيها دورا جيوسياسيا خلال العقود الأربعة الماضية، قبل أن تصبح منبوذة وعاجزة عن التأثير فيها، مشيرا إلى أنه، وفي هذا السياق، جاءت دعوة المغرب لتقاسم تجربته في الاستعانة بطائرات درون مع دول الساحل، خلال مؤتمر نظمته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، بتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والذي احتضنته الرباط نهاية الأسبوع الماضي.

وخلال هذا المؤتمر، والذي حضره أكثر من 50 مسؤولا وخبيرا من الدول الإفريقية الأطلسية، وممثلون عن عدد من المنظمات الإقليمية والدولية، عرض المغرب تجربته في محاربة الإرهاب، عبر الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة، ممثلة في الطائرات بدون طيار، والتي أبانت عن مقدرة فائقة في التصدي لكل الظواهر الإرهابية، وتحييد خطر الإرهابيين، حيث التزم المغرب بمساعدة دول الساحل بغرض تطهير أراضي هذا الفضاء الإفريقي من كل التهديدات الإرهابية التي تواجهه.

وأبرزت الصحيفة أنه، وتجاوبا مع عرض المغرب، شدد المؤتمر على ضرورة تعزيز قدرات الدول الأعضاء في مسلسل الرباط في مجال التكنولوجيا لمكافحة الإرهاب، بعد أن ناقش المشاركون الطرق المثلى لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، بالإضافة إلى تطوير الصناعات المحلية المتعلقة بأنظمة الطائرات بدون طيار، التي أصبحت عنصرا محوريا في التصدي للإرهاب على المستوى الإقليمي، معتبرةً أن هذا المؤتمر يأتي في سياق محاولة المغرب لجعل منطقة الساحل فضاءً يعمه السلم والأمان، في الوقت الذي يحاول فيه النظام العكسري في الجزائر زرع الفوضى، عبر السعي لدعم الجماعات الإرهابية التي تنشط بالمنطقة الواسعة التي تتوسط الصحراء الكبرى والسفانا الاستوائية، وتتخذها كقاعدة لتنفيذ عمليات إرهابية، مستغلة الانفجار السكاني وتفشي الفقر، مع ضعف الأنظمة الحاكمة.

واعتبر اليومية أن الجزائر تستغل هذه الأوضاع الثلاثة لتشجيع نشاط الجماعات الإرهابية، والتي قال تقرير نشره موقع متخصص، إنها تعمل في أجزاء من بوركينافاسو ومالي والنيجر ونيجيريا وتشاد، وتسعى لتشكيل خلافة جهادية في منطقة الساحل، متوقعا أن تنجح هذه الجماعات في تحقيق أهدافها، إذا لم يتم الانتباه لمشكلة التنمية التي بمقدورها حماية الفقراء من التحول لحطب التطور البنية العسكرية لهذه التنظيمات.

وفي سياق متصل، كان الأمين العام للأمم المتحدة قد أشار، في عام 2022، إلى هذه التوقعات، حين قال إنه «إذا لم يتم فعل أي شيء، فإن آثار الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة سوف تكون محسوسة خارج المنطقة (الساحل) والقارة الإريقية»، وبعبارة أخرى يمكن أن تصبح المنطقة المقر العالمي لدولة جهادية، وهي القناعة التي بات المغرب يحاول تقاسمها مع دول القارة الإفريقية، سواء ما ارتبط منها بدعمه للاستعانة بالتكنولوجيا الجديدة في مجال الحروب، أو مواجهة خطر الإرهابيين عن بعد باستخدام الدرونات الكفيلة بدحضهم في كل هذه المساحات الشاسعة، أو من خلال مواجهة الفقر بالمنطقة، عبر إطلاق مخطط تنموي قادر على حماية سكانها من محاولات استقطابهم للانضمام للجماعات الجهادية.

واعتبر مقال الجريدة أن هذا العلاج الثنائي القائم على مواجهة تمدد الإرهابيين بالدرونات، ومحاربة استقطاب السكان الفقراء بإطلاق مشاريع تنموية الاستراتيجية التي تدافع عنها المملكة من أجل إنقاذ إفريقيا وإخراجها من الوضعية التي فرضت عليها لعقود من الزمن، والتي جعلتها رهينة لتكالب الدول الساعية لاستغلال خيراتها، في الوقت الذي تظل فيه شعوبها ضحية للإرهاب والفقر والجوع، ومطية لكل ساع لتثبيت أقدامه فوق أراضيها، مثل ما يفعل النظام العسكري في الجزائر حاليا، عبر محاولة إشعال ملف الإرهاب، تحقيقا لأجندته السياسية.

وللإشارة، فإن النزاع بين الجزائر ومالي فضح هذا المسعى الجزائري، بعد أن تحول الخلاف بينهما إلى سجال سياسي علني، حيث استفزت تصريحات وزير خارجية دولة الكابرآنات حكومة مالي، التي خرجت مجددا لترد عليها بانتقاد تدخل الجزائر فى شؤونها الداخلية، واتهامها بدعم الإرهاب في المنطقة، إذ أفاد بيان لوزارة الخارجية المالية، الأسبوع الماضي، بأن باماكو «تعبر عن بالغ قلقها إزاء أعمال التدخل فى الشؤون الداخلية لجمهورية مالي»، حيث وصفت تصريحات الوزير عطاف بأنها «تدخل جديد للجزائر في الشؤون الداخلية لمالي عبر أحد أعضاء الحكومة الجزائرية، وتذكر بأن الخيارات الاستراتيجية لمحاربة الجماعات الإرهابية المسلحة تقع حصرا ضمن سيادة مالي واختيارات اتحاد دول الساحل».

وانتقدت الحكومة المالية العلاقة المشبوهة بين الجزائر وبعض الجماعات الإرهابية التي تهدد استقرار مالي، والتي تلقت الدعم المادي واللوجستي في ظل السيطرة على أنشطتها الإجرامية ضد المدنيين، داعية الجزائر إلى إعادة تركيز جهودها على معالجة أزماتها الداخلية، بما في ذلك قضايا القبائل، وعدم استخدام مالي كأداة لتحقيق أهداف سياسية خارجية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: