فرنسا-الجزائر: المخدرات والابتزاز والاغتيالات…مافيا «DZ» المنظمة الإجرامية الأكثر خطورة في القرن
الابتزاز والنهب والاغتيالات: المافيا دي زاد (DZ Mafia) توسع أنشطتها لتشمل الجزء الكبير من جنوب فرنسا، وفق ما كشفته شرطة مرسيليا والنيابة العامة في بداية دجنبر، بعد التحقيقات الأخيرة التي أدت إلى سجن العشرات من أعضاء المنظمة.
وتحيل الحروف دي زاد (DZ) إلى النطاق الوطني للجزائر على عناوين الإنترنت.
وبحسب جون بابتيست بيريي، أستاذ القانون الخاص والعلوم الجنائية في جامعة إيكس مرسيليا، فإن المافيا دي زاد «ليست مافيا» بحد ذاتها، على عكس ما يوحي به اسمها.
وأوضح قائلا: « تتمحور المافيا في إيطاليا حول شخصية الزعيم. إنها عشائرية قبل كل شيء، ومن الصعب جدا الانضمام إليها، ولا يمكن تجنيد أشخاص بهذه الطريقة على شبكات التواصل الاجتماعي. وهناك فرق كبير أيضا، إذ ليس لدينا أي أمثلة للمافيا التي استخدمت المراهقين بهذه الطريقة».
بالنسبة له، «المافيا دي زاد تبدو أقرب إلى ما رأيناه في أميركا الجنوبية مع الكارتلات».
«المزايدة»
في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا، تميز عام 2023 بانفجار جرائم القتل المرتبط بالمخدرات، على خلفية الصراع بين المافيا دي زاد ومجموعة يودا (Yoda). وتم تسجيل نحو خمسين جريمة قتل، و 36 حالة وفاة في عام 2022 و24 حالة في عام 2024.
وإذا كان الصراع مع يودا قد هدأ، فإن التوترات الجديدة عادت الآن « بين المافيا دي زاد وأولئك الذين يطلق عليهم « السود الجدد » (nouveaux blacks)، القمريين الذين يحاولون استعادة النقاط التي كانت في أيدي يودا، من دون أن تندلع حرب عصابات في هذه المرحلة »، كما يلاحظ جون بابتيست بيريي.
وأكد هذا الخبير أن «ما يفسر وحشية بعض الأفعال هو وجود ظاهرة الموضة والمزايدة على مواقع التواصل الاجتماعي»، مشيرا إلى التنظيم «الأكثر تنظيما والأكثر خطورة» في القرن الحادي والعشرين في فرنسا، « إذا تركنا جانبا المنظمات الإرهابيةً».
وعلى غرار الشرطة والقضاة، أشار إلى التنوع الحالي في أنشطتهم.
وأوضح بيريي قائلا: « إنهم يعرضون خدمة تصفية الحسابات حسب الطلب وتطوير الأنشطة الدولية (…). إنهم يعلنون عن اتفاقيات مع ندرانجيتا (Ndrangheta) في إيطاليا، وهذا نوع من الماركوتينغ».
وفي الفترة من يناير إلى نونبر 2024، عالجت الشرطة 34 حالة ابتزاز أو احتيال تستهدف شركات مثل المطاعم أو النوادي الليلية، على سبيل المثال، وفقا لمصالح شرطة بوش دو رون، وهي المصالح التي تدخل مرسيليا في دائرة نفوذها. لكنها تضيف أنه من المحتمل جدا أن «يمنع صمت الضحايا إجراء إحصاء دقيق».
وصرح برنارد مارتي، منظمة أرباب العمل في قطاع الفندقة والمطعمة في بوش دو رون لوكالة فرانس برس: « الخوف يستبد بنا، ونحن لا نطلب شيئا آخر سوى الحماية».
«الخوف»
وأضاف أن التجار هنا شهدوا تاريخيا مثل هذه الظواهر من الابتزاز، لكن «هذا الأمر توقف منذ فترة طويلة». وتابع قائلا: «لدينا أعضاء منتمون لمنظمتنا لا يقدمون شكاوى، إنهم خائفون».
لأن الترهيب يصل إلى مداه في بعض الأحيان. ففي نهاية شهر دجنبر الماضي، تلقى مدير متجر بقالة كاشير في الأحياء الراقية بمدينة مرسيليا صورا حديثة لعائلته ومنزله، إلى جانب طلب فدية قدرها 250 ألف أورو موقعاً باسم «المافيا دي زاد»، بحسب مصدر أمني. وأحيانا تنفذ التهديدات.
وفي مقابل الحماية المفترضة، وافق مالك ملهى ليلي « فيرست » (First)، الواقع بين مرسيليا وإيكس، على « مطالب المجرمين، ودفع مبلغ شهري قدره 10 آلاف أورو »، وفق ما أفاد النائب العام في مرسيليا نيكولا بيسوني.
وفي هذه القضية، مكن عمل الشرطة القضائية من توجيه الاتهام إلى 22 شخصا.
ومن بين المتهمين، يشتبه أيضا في تورط البعض في وفاة صديق مقرب لمغني الراب في مرسيليا « SCH » في شهر غشت أثناء مغادرته ملهى ليلي في لا غراند موت (جنوب).
وكان الفنان جوليان شوارزر، وهو اسمه الحقيقي، هدفا لمحاولات ابتزاز لمدة عام. ولكنه قاومها. وتلتها تهديدات بالقتل، ثم هذا الهجوم. إن السبب الوحيد في بقائه على قيد الحياة يعود إلى تغيير السيارة.