طالبت المعارضة البرلمانية في المغرب كلا من وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، بالكشف عن التدابير التي سيتخذانها لمعالجة الثغرات التي تشوب معايير الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر. ويأتي ذلك بعدما كشف تقرير لمؤسسة وسيط المملكة في المغرب، (مؤسسة دستورية)، عن مجموعة من الإخلالات المرتبطة بتنفيذ مشروع الدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الاجتماعية.
وأكد رشيد حموني، رئيس فريق التجمع والاشتراكية بالبرلمان، في سؤال كتابي وجهه إلى الوزيرين، على ضرورة مراجعة وإعادة تقييم عتبات ومؤشرات الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر ومن أموال التضامن، بهدف التوحيد وضمان الاستفادة المزدوجة لجميع الفئات الفقيرة والهشة التي تستحق ذلك، مشيرا إلى أن التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط، برسم سنة 2023، كشف عن إخلالات وثغرات لطالما نبه الفريق الحكومة إليها، تتعلق بشروط الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي المباشر، ومنها معايير تحديد الفئات المستفيدة من الذين يعانون من الفقر والهشاشة.
ونقل حموني عن تقرير الوسيط أنه تم تسجيل ما يُوحي بأن النصوص والمعايير والمؤشرات المعتمدة غير موضوعية وغير عادلة، بالنظر إلى أنها تعمل على إقصاء عدد كبير من المفترض استفادتهم، دون تبريرات مقنعة، وهو ما يستدعي، حسب تعبيره، مراجعة وتقييم نجاعة الشروط والمعايير، لاسيما بالنظر إلى التغيرات التي تطرأت على وضعيات المواطنات والمواطنين.
وكشف تقرير لمؤسسة وسيط المملكة، عن مجموعة من الإخلالات المرتبطة بتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية، الذي يُعد جزءا أساسيا من المبادرة الملكية لتعزيز الدولة الاجتماعية، لاسيما ما يرتبط منه ببرنامج الدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الاجتماعية.
وأكدت المؤسسة في تقريرها لسنة 2023، المنشور بالجريدة الرسمية تحت عدد 7364، أن الشكاوى التي تلقتها تعكس وجود فجوات في آليات تحديد المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، حيث يتضح أن النصوص القانونية والقرارات التنظيمية المعتمدة تثير تساؤلات حول مدى موضوعيتها وعدالتها، وهو ما أدى إلى إقصاء فئات كانت تستفيد من برامج مشابهة، دون تبريرات مقنعة، ما يستوجب مراجعة المعايير المعتمدة لضمان تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية.
كما أشار التقرير إلى أن بعض الفئات المستفيدة من الدعم المباشر تواجه صعوبات في الاستفادة من التغطية الصحية، فبالرغم من حصولها على دعم يتراوح بين 500 و1000 درهم، يتعين عليها أداء مساهمات إضافية للاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض، وهو الوضع الذي أثار تساؤلات حول مدى قدرة هذه الفئات على تحمل التكاليف الصحية، ومدى كفاءة النظام في ضمان أمنها الصحي.
ويهدف برنامج الدعم الاجتماعي المباشر المخصص للأسر الفقيرة إلى تحسين المستوى المعيشي للفئات المستفيدة، والحد من الفقر، وتعزيز التنمية الاجتماعية، في احترام تام لمبادئ الشفافية والإنصاف والتضامن والحوكمة الرشيدة، حيث تستفيد من هذا البرنامج حوالي 4 ملايين أسرة، بما يشمل 5.4 مليون طفل، و1.2 مليون شخص تفوق أعمارهم 60 عاما.
وسجل تقرير المؤسسة الدستورية المرفوع إلى أنظار العاهل المغربي الملك محمد السادس، تأخرا في معالجة ملفات استرجاع المستحقات عن الملفات المرضية، مشيرا إلى أن على الرغم من وجود آجال قانونية محددة لمعالجة هذه الملفات، فإن المتظلمين يعانون من طول الانتظار وتقديم مبررات غير مبررة، مثل عدم العثور على الملف أو نقص في الوثائق.
وخلقت طريقة تحديد المستفيدين من الدعم الاجتماعي المباشر جدلا بعدما أكدت فئات اجتماعية إقصاءها من الاستفادة بفعل أسباب تتعلق أساسا بالمعطيات التي قدمتها، حيث تناول النائب البرلماني رشيد حموني ما قال إنه إشكال هام والمتمثل في أن ثبوت الاستفادة من الدعم المباشر يؤدي بشكل آلي إلى عدم إمكانية الاستفادة من التغطية الصحية إلا بعد أداء واجبات الاشتراك في التأمين الإجباري عن المرض.
ونبه حموني إلى أن التجربة كشفت أنه بمجرد الاستفادة من الدعم المباشر، يكون المواطن المستفيد في الغالب ملزما بأداء الواجب المالي الشهري المحدَّد لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لضمان استمرار استفادته من التغطية الصحية.
◙ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يهدف إلى تحسين المستوى المعيشي للفئات المستفيدة والحد من الفقر وتعزيز التنمية الاجتماعية
وأضاف أن هذا الأمر يطرح السؤال حول مدى تحقيق الدعم المباشر للأمن الصحي لفائدة الفئات الهشة والفقيرة، لافتا إلى أن الاستفادة من الدعم المباشر ينبغي أن تكون مبررا ومعيارا للاستفادة من مجانية التغطية الصحية، وأن التوفر على التغطية الصحية لا يمنع من الاستفادة من الدعم المباشر.
من جهتهم أكد برلمانيو حزب الحركة الشعبية “إننا وقفنا على حالات مواطنين تم إقصاؤهم من الاستفادة من الدعم المباشر، رغم كونهم يبقون في أمس الحاجة إليه”، داعين إلى إعادة ضبط استمارة الاستفادة من هذا المشروع، إذ من المفروض أن يصل المشروع إلى الغايات التي جاء أساسا من أجلها، وذلك عبر استفادة جميع المعنيين بالأمر منه، بعيدا عن أي سياسة تعتمد على التعجيل في تنزيل مضامين هذا المشروع الذي يبقى مشروعا كبيرا وجب أن ينجح بكل تأكيد.
وشدد لحسن حداد، مستشار برلماني عن حزب الاستقلال، على أن الحكومة لا تتوفر على أي نية لإقصاء فئات بعينها من الاستفادة من هذا المشروع الاجتماعي الوطني، لكن نجاح المشروع رهين بوجود نظام معلوماتي يساهم في تحديد المستفيدين وتمكين الحكومة من إحصائيات تجاههم، مع إصلاح مختلف الثغرات التي شابت تحدي المستفيدين.
ورغم أن الحكومة نفت مراجعتها لمؤشر الدعم الاجتماعي، يقول برلمانيون إن من حق من تم إقصاؤه تقديم شكاية في الموضوع، مع تعزيزها بمختلف ما يثبت استحقاقه للاستفادة من الدعم، على اعتبار أن المنصة التي وفرتها الحكومة لمسك معطيات الراغبين في الاستفادة من هذا المشروع تضمنت مؤشرات موضوعية وتفصيلية ساعدت على تحديد المستفيدين، ولكنها ليست مثالية، ويمكن تحسين أدائها بعد تجريبها والإنصات للمواطنين.