تبون يفك عقدة الصراع على التراتبية داخل مؤسسة الجيش
أصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مرسوما يقضي بإحالة الفريق أول بن علي بن علي (85 عاما)، الذي كان يشغل قيادة سلاح الحرس الجمهوري والأمن الرئاسي، وتنصيب اللواء طاهر عياد، خلفا له بالنيابة، لينفذ بذلك خطوة نوعية تنهي جدلا حول التراتبية داخل المؤسسة العسكرية بين قائد أركان الجيش وقائد الحرس الجمهوري وقدم الرتبة المتساوية بين قائد الجيش سعيد شنقريحة وبن علي بن علي، فضلا على أنه يعتبر أول قرار ينفذه قائد أركان الجيش ببدلة الوزير المنتدب للدفاع الوطني الحائز مؤخرا على صلاحيات واسعة داخل المؤسسة العسكرية.
ويرى المراقبون أن تبون يسعى من وراء هذه الخطوة إلى إزاحة العراقيل من أمام قائد الجيش ليكون الشخصية الأولى في المؤسسة العسكرية ما يساعده على إحداث التغييرات التي يراها ضرورية في سعيه لتثبيت نفسه.
وجاء في بيان وزارة الدفاع الجزائرية أن الفريق أول رئيس أركان الجيش والوزير المنتدب للدفاع سعيد شنقريحة نصّب رسميا اللواء طاهر عياد قائدا للحرس الجمهوري بالنيابة، خلفا للفريق أول بن علي بن علي، دون أن يوضح مصير وصاية الأمن الرئاسية إن كانت تبقى للسلاح المذكور، أم ستأخذ طابعا مستقلا يتبع لرئاسة الجمهورية.
وظهر الجنرال سعيد شنقريحة، عكس عمليات التنصيب السابقة، التي كانت تظهر في مكاتب مغلقة، في ساحة لقيادة الحرس الجمهوري، حيث ذكر في كلمته، بأنه، “باسم السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، ووفقا للمرسوم الرئاسي المؤرخ في 6 جانفي 2025، أنصّب رسميا اللواء الطاهر عيّاد، قائدا للحرس الجمهوري بالنيابة، خلفا للفريق أول بن علي بن علي. وعليه، آمركم بالعمل تحت سلطته، وطاعة أوامره، وتنفيذ تعليماته، بما يمليه صالح الخدمة، تجسيدا للقواعد والنظم العسكرية السارية، وقوانين الجمهورية، ووفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار، وتخليدا لقيم ثورتنا المجيدة”.
وجاء القرار ليؤكد معلومات متداولة منذ عدة أيام في دوائر ضيقة، بأن أكبر عنصر سنا في الجيش الجزائري وحتى في العالم، الفريق أول بن علي بن علي، البالغ من العمر 85 عاما، ستتم إحالته على التقاعد ليحل مكانه اللواء طاهر عياد، الذي أبعد العام 2018 من طرف القائد السابق للجيش الجزائري الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، قبل أن تتم إعادته للخدمة في السنوات الأخيرة، ليضطلع بمهمة السلاح الذي ظل بعيدا عن سلطة الرجل الأول في المؤسسة العسكرية.
كما يعد القرار أول خطوة يتخذها الجنرال سعيد شنقريحة بعد ارتدائه ثوب الوزير المنتدب للدفاع الوطني، وصدور مرسوم رئاسي يمنحه صلاحيات واسعة داخل المؤسسة العسكرية، بما فيها تعيينات الضباط وإقالاتهم وترقياتهم، خاصة وأن الرجل لم يكن على وفاق مع الجنرال المحال على التقاعد.
وظلت مسألة التراتبية داخل الجيش بين الرجلين محل جدل لدى المتابعين، على اعتبار أن بن علي بن علي، قاد سلاح الحرس الجمهوري منذ العام 2015، وحاز على رتبة فريق أول العام 2020، بينما رئيس أركان الجيش والوزير المنتدب للدفاع، ظل في رتبة لواء إلى غاية صيف العام 2022.
ويرى المراقبون أن إحالة العسكري بن علي بن علي على التقاعد ستسمح بتجسيد ترتيب هرمي داخل المؤسسة العسكرية، بما فيها تثبيت نفوذ الرجل القوي سعيد شنقريحة، وبسط سلطته على جميع الأسلحة والدوائر التابعة لمؤسسته، بعدما ظل الضابط المتقاعد يشكل نشازا داخل المؤسسة، إن لم يكن امتدادا لتعدد الرؤوس في المؤسسة الواحدة.
وذكر سعيد شنقريحة، في كلمته المنقولة عبر تقنية التحاضر المرئي، بأنه “تعلمون جميعا مدى الرعاية التي نوليها للحرس الجمهوري، تحت قيادة وتوجيهات ودعم السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، والتي تجلت في التركيز على توفير كافة العوامل البشرية والمادية الكفيلة بتطوير قدرات هذا السلاح، حتى تنسجم مع حساسية المهام المنوطة به، وتتوافق مع تطلعاتنا في جعله سلاح نخبة بامتياز، ولأجل ذلك، لطالما حرصنا على التكفل الفعلي والنوعي بالمورد البشري، الذي نعتبره ركيزة لا غنى عنها، لأيّ جهد عملي وتطويري ناجح”.
وأضاف أن “التحولات الجيوسياسية التي يعرفها العالم، والتهديدات العديدة في محيطنا الإقليمي، تشكل تحديات تستدعي منا مضاعفة الحيطة والحذر، والسعي باستمرار لتكثيف جهد التحضير القتالي، ضمانا لجاهزية كافة مكونات جيشنا الوطني الشعبي، وفي هذا الصدد بالذات، يتعين عليكم أنتم، مستخدمي قيادة الحرس الجمهوري، الحرص الشديد على المحافظة على الجاهزية العملياتية في أعلى مستوياتها، وعلى أن يتم التحضير والتدريب الجيد، وفقا للخطط المرسومة وحسب المناهج المقررة، لاسيما من خلال التطبيق الصارم لتدابير توجيهة تحضير القوات 2024 – 2025”.
ويعد سلاح الحرس الجمهوري، الذي ظل محافظا على استقراره منذ عدة سنوات بسبب ثبات قيادته، فرعا يتشكل من حوالي 12 ألف منتسب، ويظهر عادة في المراسم البروتوكولية والتشريفات الرسمية، إلى جانب تأمين المقار التابعة لرئاسة الجمهورية.