تأسيس حركة “مغرب الغد”: قراءة نقدية في سياق توحيد الجالية المغربية ودفع التنمية الاقتصادية
تزامناً مع المتغيرات الدولية وتزايد وعي الجالية المغربية بدورها الاقتصادي والاجتماعي، أُعلن مؤخرًا عن تأسيس حركة تحمل اسم “مغرب الغد”. وفق المؤسسين، تهدف الحركة إلى توحيد صفوف الجالية المغربية عبر العالم ودعم التنمية الاقتصادية للمملكة. إلا أن هذا الإعلان أثار موجة من الجدل العارم، خاصة حول مشروعية هذه الحركة وتمثيليتها، وكذلك أهدافها الحقيقية.
منذ ظهور هذه الحركة، عبّر الكثير من أفراد الجالية المغربية عن استغرابهم ورفضهم، كون تأسيسها جاء دون أي استشارة لمن يمثلون. يُفترض أن أي تنظيم يُعلن تمثيله لمجموعة واسعة من الأفراد، خاصة الجالية التي تُعتبر جزءًا من النسيج الوطني، يحتاج إلى شرعية قائمة على الشفافية والمشاركة. ولكن، يبدو أن حركة “مغرب الغد” تأسست في غياب أي حوار مسبق مع الجالية التي تدّعي تمثيلها.
المثير للقلق هو أن الحركة تُظهر ملامح أجندات قد تكون بعيدة كل البعد عن الوحدة الوطنية التي تدّعي السعي لتحقيقها. فبدلاً من الالتفاف حول الثوابت الوطنية، مثل إمارة المؤمنين كرمز ديني ووحدوي، بدأت تظهر أصوات داخل الحركة تُثير الشكوك حول غاياتها. أحد أبرز الأسماء المرتبطة بالحركة، محمد الهندوس، كان يُعرف بمواقفه السابقة التي تتسم بالعداء لإمارة المؤمنين والانفتاح على الانفصاليين وخونة الوطن. واليوم، يعود تحت مظلة الحركة ليدعو إلى الوحدة والالتفاف حول “مغرب الغد”، مما يثير تساؤلات مشروعة عن تحولاته السريعة وعن الأهداف الحقيقية للحركة.
رغم شعارات الوحدة والتنمية التي ترفعها، يبدو أن “مغرب الغد” قد تكون أداة ضغط على الدولة المغربية أكثر من كونها حركة فعالة لدعم الجالية. التناقضات في خطاب المؤسسين، وسجل بعضهم الحافل بالجدل، تُلقي بظلال من الشك على إمكانية أن تكون الحركة تسعى لإنشاء كيانا يستغل قضايا الجالية لتحقيق مصالح ضيقة.
السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هو “مغرب الغد” في نظر هذه الحركة؟ هل تسعى فعلاً لتعزيز الانتماء الوطني وتقوية روابط الجالية بوطنها الأم؟ أم أنها تُخطط لإنشاء كيان موازٍ يخدم أجندات بعيدة عن المصلحة الوطنية؟
في الوقت الذي تحتاج فيه الجالية المغربية إلى أطر فعالة لتعزيز وحدتها والمساهمة في التنمية، فإن إنشاء حركات أو تنظيمات بدون شرعية شعبية وبدون وضوح في الأهداف يهدد بخلق انقسامات جديدة. الوطن يحتاج إلى جهود أبنائه داخل وخارج الحدود، ولكن تحت مظلة واحدة تحترم الثوابت الوطنية وتنبذ أي محاولات استغلال أو زعزعة الاستقرار.
تأسيس حركة “مغرب الغد” يعكس واقعاً معقداً يتطلب الحذر والفهم العميق للأهداف الخفية التي قد تقف وراء مثل هذه المبادرات. الجالية المغربية تستحق تمثيلاً حقيقياً وشاملاً يعبر عن تطلعاتها الحقيقية دون المساس بوحدة الوطن وثوابته. وفي غياب الشفافية والمصداقية، يظل الواجب الوطني يقظاً أمام أي محاولات للمساس بالوحدة الوطنية التي تشكل أساس استقرار المملكة.