الجزائر – فرنسا.. كرة الثلج تنحدر نحو المزيد من التضخم

هددت فرنسا بالمرور إلى وقف العمل باتفاقيات الهجرة والتأشيرات والتنمية، وذلك بعد رفض استلام الجزائر المؤثر الذي تم ترحيله مؤخرا، في تصعيد يعبد الطريق نحو المزيد من التوتر في العلاقات القائمة بين البلدين.

عبر وزيرا الداخلية والخارجية الفرنسيان، عن ضرورة اتخاذ حكومة بلديهما لحزمة إجراءات ضد الجزائر، على خلفية رفضها استلام المؤثر الذي تم ترحيله مؤخرا، وهو ما يمهد لأن تشهد علاقات البلدين مزيدا من التوتر والتأزيم، وإمكانية المرور إلى لغة الإجراءات والتدابير في إطار قبضة حديدية غير مسبوقة بين الطرفين، بينما في المقابل بررت الخارجية الجزائرية قرار رفض الاستلام قبل أن يستفيد المعني من حق الدفاع أمام القضاء الفرنسي.

وبررت وزارة الخارجية الجزائرية، قرار رفض استلام المؤثر بوعلام نعمان، الذي أعيد إلى الأراضي الفرنسية بعدما قامت السلطات الفرنسية بترحيله إلى الجزائر، بضرورة تمكين المواطن الجزائري من فرصة الدفاع عن نفسه أمام القضاء الفرنسي، الذي برمج النظر في قضيته خلال شهر فيفري القادم، في حين استبقت وزارة الداخلية الحدث وقامت بترحيله قبل مقاضاته.

وقال بيان وزارة الخارجية، بأن “المواطن الذي صدر في حقه قرار الطرد يعيش في فرنسا منذ 36 عاما، ويحوز فيها بطاقة إقامة منذ 15 عامًا. كما أنه أب لطفلين ولدا من زواجه من مواطنة فرنسية، فضلا على أنه مُندمج اجتماعيًا كونه يمارس عملا مستقرا لمدة 15 عاما.”

وأضاف “كل هذه المعطيات تمنحه بلا شك حقوقا كان سيُحرم من المطالبة بها أمام المحاكم الفرنسية والأوروبية بسبب قرار طرده المتسرع والمثير للجدل. ونتيجة لذلك، لم تتح لهذا المواطن فرصة الاستفادة من محاكمة قضائية سليمة تحميه من التعسف في استخدام السلطة، خاصة وأن تنفيذ قرار طرده كان سيحرمه من الدفاع عن حقوقه خلال المحاكمة المقررة في الرابع والعشرين من شهر فبراير من هذا العام.”

وتابع “وفي انتهاك صريح للأحكام ذات الصلة من الاتفاقية القنصلية الجزائرية – الفرنسية الموقعة في 25 ماي 1974، لم يعتقد الطرف الفرنسي أنه من الضروري إبلاغ الطرف الجزائري لا بتوقيف هذا المواطن، ولا اعتقاله، ولا احتجازه، ولا حتى قرار طرده. كما أن الطرف الفرنسي لم يتجاوب مع الطلب الذي تقدم به الطرف الجزائري بغية ضمان الحماية القنصلية لفائدة المواطن المعني من خلال حق الزيارة.”

وخلص إلى أنه “بالنظر إلى كل هذه التجاوزات وكل هذه الخروقات للحقوق المكتسبة من قبل المواطن الجزائري على الأراضي الفرنسية، فإن القرار الجزائري بخصوص هذه القضية قد أملاه الحرص على السماح لهذا المواطن بالرد على الاتهامات الموجهة إليه والمطالبة بحقوقه والدفاع عن نفسه في إطار مسار قضائي عادل ومنصف يأخذ مجراه على التراب الفرنسي”.

الحكومة الفرنسية تدفع في اتجاه المزيد من التصعيد مع الجزائر، الأمر الذي ينذر بالمزيد من التوتر والتأزيم

وجاء التوضيح الجزائري كفصل جديد من مسلسل الأزمة المتصاعدة بين البلدين، خاصة بعد أن عمد الأمن والقضاء الفرنسيان إلى توقيف عدد من المؤثرين على خلفية ممارسات تندرج في إطار الإرهاب والدعوة إلى العنف وترويج خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويحسب هؤلاء على السلطة الجزائرية، كونهم يرددون خطابا يتناغم مع مواقفها تجاه نشطاء سياسيين ومدونين ومناضلين يعارضون النظام السياسي القائم في البلاد، ولذلك تم وصف قرار عدم الاستلام بتخلص السلطة من عملائها، إلا أن متابعين للملف يرون أن وزارة الداخلية الفرنسية تسرعت في اتخاذ قرار الطرد، وحرمت مواطنا من حقه في الدفاع عن نفسه أمام القضاء، الأمر الذي يحسب عليها أمام الدوائر القانونية والحقوقية.

غير أن الحكومة الفرنسية تدفع في اتجاه المزيد من التصعيد مع الجزائر، الأمر الذي ينذر بالمزيد من التوتر والتأزيم، ويطرح بقوة فرضية الذهاب إلى إجراءات عقابية، كالحجز على ممتلكات وعقارات رسميين جزائريين، الذي يؤيده 72 في المئة من الفرنسيين، حسب سبر للآراء أجرته إذاعة “أوروبا 1″، إلى جانب وقف منح العمل باتفاقية 1968، واتفاقية منح التأشيرات للرسميين المبرمة العام 2007.

وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، من أن بلاده “لن يكون لديها خيار آخر سوى الرد، إذا واصل الجزائريون هذا الموقف التصعيدي،” وذلك عقب رفض الجزائر استلام المؤثر بوعلام نعمان، من طرف السلطات الفرنسية.

أربعة مؤثرين جزائريين يتواجدون قيد الاحتجاز في فرنسا، بعدما التحقت صوفيا بن ليمان، بكل من بوعلام نعمان، ويوسف زاوز، وعادل ولد إبراهيم

وقال لقناة الـ”سي أي”، “من بين الأوراق التي يمكننا تفعيلها التأشيرات ومساعدات التنمية، وحتى عدد معين من مواضيع التعاون الأخرى، وإنه مندهش لكون السلطات الجزائرية رفضت استعادة أحد مواطنيها الذي أصبحت قضيته الآن أمام القضاء في فرنسا.”

ويتواجد أربعة مؤثرين جزائريين قيد الاحتجاز في فرنسا، بعدما التحقت صوفيا بن ليمان، بكل من بوعلام نعمان، ويوسف زاوز، وعادل ولد إبراهيم، بينما ينتظر أن تمتد الحملة إلى ناشطين آخرين في مختلف المدن الفرنسية.

وكان رئيس الوزراء الفرنسي السابق غابريال أتال قد دعا إلى وقف العمل بالاتفاقية الفرنسية – الجزائرية الموقعة في العام 1968 والتي تمنح جزائريين امتيازات على صلة بالعمل والإقامة.

بينما صرح وزير الداخلية برونو ريتيللو، لوسائل إعلام محلية، بأنه “من الواضح أن الجزائر تسعى إلى إذلال فرنسا، وأنه بات من الضروري إعادة تقييم العلاقات الثنائية بين البلدين، بما في ذلك الإجراءات المستقبلية المتعلقة بالجزائر.”

وقال “أعتقد أننا وصلنا مع الجزائر إلى مرحلة بالغة الخطورة، لاسيما وأن الجزائر تعتقل حاليًا كاتبا عظيما، بوعلام صنصال، وهو ليس فقط جزائريا، بل هو فرنسي أيضا.”

وأوضحت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، أن الرفض الجزائري جاء بسبب عدم التزام باريس بالإجراءات القانونية الخاصة بالترحيل، بينما تردد دوائر سياسية من اليمين الفرنسي بأن القرار اتخذ إداريا قياسيا بالخطر الذي يشكله المؤثر على النظام العام الفرنسي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: