الانتكاسة الجزائرية ونهاية ما يسمى بالبوليساريو: دبلوماسية جزائرية فاشلة ودور المغرب في قضية الصحراء
مرت الجزائر في السنوات الأخيرة بمرحلة من الانتكاسات الكبرى على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، حيث تراجعت فاعليتها في دعم “الجمهورية الصحراوية” الوهمية. هذه الانتكاسة، التي يتجلى جزء منها في سحب 23 دولة اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية، تكشف عن فشل كبير في الدبلوماسية الجزائرية التي لم تقتصر على عزل الجزائر دولياً فحسب، بل ساهمت أيضاً في تعزيز مكانة المغرب في قضيته التاريخية المتعلقة بالصحراء.
طوال عقود، كانت الجزائر تتبنى سياسة دعم “جبهة البوليساريو” التي طالما ادعت تمثيلها لشعب الصحراء المغربية. لكن مع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن هذه السياسة كانت قائمة على فرضيات غير واقعية وعلاقات معزولة. السبب الرئيسي لهذا الفشل يكمن في أن الجزائر لم تتعامل مع الواقع الإقليمي والدولي المتغير بشكل مناسب. من خلال إصرارها على دعم جبهة البوليساريو، أغفلت الجزائر التحولات الكبيرة التي طرأت على العلاقات الدولية، خاصة في ظل دعم المجتمع الدولي للمغربية في الصحراء.
في المقابل، تمكنت الدبلوماسية المغربية من تحقيق العديد من الانتصارات على الساحة الدولية. فقد نجحت الرباط في تعزيز موقفها، خاصة بعد اعتراف عدة دول بمغربية الصحراء، فيما تسارعت وتيرة الاعتراف بسيادتها على الإقليم. كما نجحت المغرب في تحريك ملفات سياسية واقتصادية هامة، مثل قضية الاستثمارات الدولية والمشاريع التنموية في الصحراء المغربية. كما أن المغرب استطاع كسب دعم العديد من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الدور الفعال للمغرب في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.
واحدة من أكبر الهزائم التي لحقت بالجزائر كانت سحب 23 دولة اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية. هذا التحول يعكس تراجع المواقف الدولية تجاه موقف الجزائر من قضية الصحراء، ويعكس في ذات الوقت تحسّن موقف المغرب الذي استطاع إقناع العديد من الدول بضرورة الاعتراف بسيادته على الصحراء. كما أن الجزائر، رغم قوتها الاقتصادية عبر الغاز الطبيعي، فشلت في التأثير على اللوبيات الدولية بما يكفي لتحصيل الاعترافات أو التأثير على السياسات العالمية.
في جانب آخر، عرفت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تحولًا جذريًا في السنوات الأخيرة. حيث انتقل هذا العلاقة من مرحلة التعاون والهدوء النسبي إلى التوتر والاتهامات المتبادلة. فمواقف الجزائر من القضايا السياسية الداخلية في فرنسا، فضلاً عن خلافات تاريخية تتعلق بحقوق الإنسان والاستعمار، ساهمت في تعميق الخلافات. هذا التوتر انعكس سلبًا على قدرة الجزائر في تعزيز موقفها الدولي في قضية الصحراء، حيث كانت فرنسا أحد الداعمين التقليديين للجزائر في ملفها ضد المغرب، ولكن هذه العلاقة شهدت منعطفات خطيرة جعلت الجزائر تعيش عزلة دولية متزايدة.
من ناحية اقتصادية، رغم أن الجزائر تمتلك احتياطيات ضخمة من الغاز، التي كانت تعتبر سلاحًا في يدها لتحفيز لوبيات سياسية في الغرب، إلا أن هذا المورد لم يحقق النتائج المرجوة. فالعديد من الدول بدأت تتنوع في مصادر الطاقة، مما قلل من أهمية الجزائر كمورد رئيسي للطاقة في العديد من الأسواق. كما أن السياسة الداخلية الجزائرية والمشاكل الاقتصادية التي تواجهها أثرت على قدرتها على الاستفادة من هذه الموارد بشكل كافٍ لتحقيق أهدافها السياسية.
باختصار، يمكن القول إن الجزائر تواجه تحديات كبيرة في مجال السياسة الخارجية نتيجة لفشل دبلوماسيتها في قضية الصحراء المغربية، في الوقت الذي يحقق فيه المغرب نجاحات واضحة في تعزيز سيادته على الإقليم. إضافة إلى ذلك، فإن العزلة الدولية التي تعيشها الجزائر تزداد في ظل تراجع علاقاتها مع القوى الكبرى مثل فرنسا، وهو ما يعكس انعكاسات سلبية على سياستها الإقليمية والدولية.