المغرب يعزز علاقاته الإستراتيجية بتعاون عسكري مع الهند

ماموني

استقبل ميناء الدار البيضاء بالمغرب، خلال الأسبوع الجاري، السفينة البحرية الهندية “INS Tushil”، حديثة التدشين، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب والهند، في خطوة تؤشر حسب الخبراء على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في المجال العسكري بين البلدين.

في إطار تعزيز قدراته البرية والجوية والبحرية لتحقيق أمنه القومي وحماية مصالحه الحيوية، يطمح المغرب إلى تطوير العلاقات الثنائية مع الهند والتي يغلب عليها الطابع العسكري، إذ وصلت السفينة البحرية الهندية “INS Tushil”، التي تم تدشينها حديثا، إلى ميناء الدار البيضاء، حيث شارك أفراد طاقمها في أنشطة مشتركة مع أفراد البحرية الملكية المغربية، بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات على هذا المستوى.

وأفاد بيان لوزارة الدفاع الهندية بأن “هذا التعاون الثنائي سيساهم بشكل كبير في تعزيز الثقة المتبادلة والعمل المشترك بين البلدين”، مشيرا إلى أن “القوات البحرية للبلدين ستشارك في تمرين عبور بحري لتحسين القدرة على العمل المشترك وتبادل أفضل الممارسات.”

وتعد زيارة السفينة “توشيل” مؤشرا جيدا للشراكة المتنامية بين الهند والمغرب، وتعكس التطلعات المشتركة في السياقين الإقليمي والعالمي، بعدما شهدت العلاقات تطورا ملحوظا في مجال الصناعات الدفاعية، حيث عقدت الدولتان مؤخرا ندوة مشتركة لبحث سبل تعزيز التعاون في هذا القطاع الحيوي في إطار إستراتيجية المغرب الرامية إلى تنويع مصادر التسليح وبناء قاعدة صناعية محلية في المجال العسكري.

 

هشام معتضد: التعاون الثنائي سيساهم في تعزيز الأمن البحري الإقليمي
هشام معتضد: التعاون الثنائي سيساهم في تعزيز الأمن البحري الإقليمي

 

أُطلقت توشيل في روسيا حديثا في التاسع من ديسمبر 2024، وهي آخر سفن القوات البحرية الهندية متعددة الأدوار والمموهة في الطائرات الموجهة بالصواريخ. يشارك في تأمينها كابتن بيتر فيرغيز وطاقمه المكون من 250 شخصا.

وأفاد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية، بأن “المغرب يمكنه الاستفادة من خبرة الهند في بناء السفن الحربية والغواصات وتطوير أنظمة الصواريخ الموجهة.”

وأكد في تصريح لـه أن “التعاون البحري والعسكري بين المغرب والهند يحمل إمكانيات واعدة لتوسيع وتعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين، حيث إن الموقع الجغرافي الإستراتيجي لكل من المغرب والهند، الذي يربط بين قارات مختلفة وممرات بحرية رئيسية، يضعهما في موقع يمكن من خلاله تعزيز التعاون الأمني والبحري.”

ويرى هشام معتضد أن “التعاون الثنائي سيساهم في تعزيز الأمن البحري الإقليمي، حيث تواجه كلا الدولتين تحديات مشتركة مثل القرصنة، التهريب والهجرة غير الشرعية”، مشددا على أن “تنوع أوجه التعاون المحتملة بين المغرب والهند في المجال البحري والعسكري، يشمل تطوير برامج تدريب مشتركة تستهدف تعزيز قدرات البحرية الملكية المغربية في مجالات مثل الاستجابة للأزمات، والتكتيكات القتالية، وتأمين الممرات البحرية”، مشيرا إلى أن “الهند، بخبرتها الطويلة في العمليات البحرية في المحيط الهندي، يمكن أن تقدم خبرات قيمة للمغرب في إدارة وحماية مناطقه البحرية الإستراتيجية.”

ويرى خبراء في الشؤون العسكرية أن المغرب بإمكانه الاستفادة من التجربة الهندية في الصناعة العسكرية الهندية التي تعتمد على الاستثمارات الضخمة في البحوث التكنولوجية، مستفيدة في ذلك من الموارد البشرية والعقول الهندية التي تعمل في أكبر مختبرات البحث في العالم، كما عملت على تطوير البنية التحتية لصناعتها العسكرية، خاصة في المجال البحري، بما في ذلك السفن الحربية وحاملات الطائرات والمدمرات والفرقاطات.

وتسعى الهند كقوة بحرية ناشئة وطموحة، إلى توسيع نفوذها عبر شراكات إستراتيجية مع دول تمتلك موانئ حيوية مثل المغرب، الذي يتميز بواجهة بحرية مزدوجة على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.

الهند تسعى كقوة بحرية ناشئة إلى توسيع نفوذها عبر شراكات إستراتيجية مع دول تمتلك موانئ حيوية مثل المغرب

وفي سعيه لتطوير قواته المسلحة ينهج المغرب طريق تنويع مصادر التسليح، فبالإضافة إلى فرنسا والولايات المتحدة، قرر في السنوات الأخيرة توسيع دائرة شركائه العسكريين، ما يتيح للهند والمغرب توسيع تعاونهما الدفاعي، بعدما شهدت العلاقات الدفاعية الثنائية تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث باتت الهند واحدة من أكبر الدول المصنعة للأسلحة في العالم، وتتمتع بقدرات هائلة في مجال تكنولوجيا الدفاع، ومن خلال هذا التعاون يسعى البلدان إلى تبادل الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة في مجالات مثل الأنظمة الجوية والدفاعات الصاروخية والذخائر المتقدمة.

وبرز زخم الشراكة بين الهند والمغرب في ندوة الصناعة الدفاعية بين البلدين، بتاريخ الحادي عشر والثاني عشر من ديسمبر الجاري، التي قدم خلالها المغرب بحضور عبداللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، رؤى شاملة حول مناخ الأعمال والبنية التحتية الصناعية التي تقدمها لتحفيز هذه الصناعة.

وأفادت جمعية مصنّعي الدفاع الهندية (SIDM) بصفتها الهيئة العليا لصناعة الدفاع في الهند، بأن ندوة الصناعة الدفاعية بين الهند والمغرب تميزت بـ”مناقشات مثمرة وتفاعلات بنّاءة مع الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، حيث تم التأكيد على أهمية التعاون الدفاعي الثنائي والفرص المتاحة في المغرب للصناعة الدفاعية الهندية، مما عزز الأسس للتعاون المستقبلي.

وتم توقيع اتفاقية هامة مع شركة تاتا للأنظمة المتقدمة المحدودة (TASL) الهندية، تهدف إلى إنتاج عربات قتالية متطورة على الأراضي المغربية. ويعد هذا المشروع خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية العاهل المغربي في تحديث وتعزيز القدرات العملياتية للقوات المسلحة الملكية.

وتتضمن الخطة إنشاء مصنع تابع لشركة تاتا للأنظمة المتقدمة في المغرب (TASM) لإنتاج العربة القتالية البرية WhAP 8×8، ومن المتوقع أن يحقق المشروع نسبة إدماج محلي تبدأ بـ35 في المئة لتصل إلى 50 في المئة، مع توفير 90 فرصة عمل مباشرة و250 غير مباشرة، على أن يتم إنجازه في غضون 36 شهرا كحد أقصى.

وإلى جانب نقل التكنولوجيا، يهدف التعاون الثنائي إلى تطوير قطب إقليمي لإنتاج المعدات الدفاعية، مما يعزز مكانة المغرب كلاعب صاعد في الصناعة العسكرية الأفريقية، خصوصا وأن الرباط تعد جسرا بين أوروبا وأفريقيا يجعلها من الشركاء الإستراتيجيين للهند في توسيع نفوذها في هذه المناطق، مع سعي المملكة من خلال هذه الشراكة إلى تحقيق الاستقلال الإستراتيجي مع الحفاظ على علاقات دولية مثمرة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: