السنغال تطمح إلى تطوير التعاون مع المغرب بإنجاح مشروع أنابيب الغاز الأفريقي – الأطلسي
تؤكد تصريحات المسؤولين السنغاليين في الفترة الأخيرة التزام داكار بالمساهمة في إنجاح المشروع الإستراتيجي لخط أنابيب الغاز الأفريقي – الأطلسي، وسط تشديد على أن مشروع الطاقة الطموح سيعود بالنفع على سكان المنطقة واقتصاداتها.
تعرف العلاقات الثنائية بين السنغال والمغرب زخما متواصلا مع ضمان استمرارية مشاريع التعاون الإستراتيجي في مجال تحول الطاقة، حيث أكد الوزير الأول السنغالي عصمان سونكو أن بلده سيساهم بكل طاقته في إنجاح المشروع الكبير لخط أنابيب الغاز الأفريقي – الأطلسي الذي يؤثر على معظم دول غرب أفريقيا.
وأضاف الوزير السنغالي أن بلاده ستقدم مساهمتها الكاملة في هذا المشروع الذي يؤثر على عدة بلدان بأفريقيا، إضافة إلى أنه سيتم إيلاء اهتمام خاص للشراكات مع البلدان المجاورة لاستغلال الموارد.
وتابع “سننشئ، اعتبارا من عام 2025، وكالة مسؤولة عن تعبئة الخبراء والمتطوعين السنغاليين لخدمة التنمية في أفريقيا، مع تسهيل استقبال الطلاب والمتدربين الأفارقة والدوليين في السينغال.”
والتوجه الذي يتبناه عصمان سونكو سبق أن شددت عليه وزيرة الشؤون الخارجية السنغالية ياسين فال، في لقائها مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، خلال زيارتها إلى الرباط الإثنين الماضي، عندما أكدت أن بلدها يهدف إلى تطوير التعاون مع المغرب في منطقة الأطلسي، وخاصة في المشروع الطموح لخط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب.
وأضافت أنها وبوريطة يعملان معا بشكل وثيق لتعزيز الشراكة، سواء في المحيط الأطلسي أو بشأن خط أنابيب الغاز، مشيرة إلى أن مشروع خط أنابيب الغاز يمثل رافعة اقتصادية حاسمة لكلا البلدين، ولا يهدف إلى تعزيز أمن الطاقة فحسب، بل إلى تعزيز التكامل الاقتصادي داخل المنطقة أيضا.
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، على أن “تصريحات الوزير الأول السنغالي بخصوص علاقات بلده مع المغرب وإصراره على إنجاح مشروع أنبوب الغاز، تؤشر على وعي القيادة الجديدة بدور الرباط الإستراتيجي في حركية السنغال الإقليمية والدولية، واعتبار المغرب المنصة الآمنة والموثوق بها والثابتة في ديناميكية داكار على مستوى مشاريعها التنموية وعلاقاتها الإقليمية والدولية.”
وأضاف في تصريح لـه أن “التوجه السياسي للرئيس الجديد باسيرو ديوماي فاي، الذي يعتبر الرباط بوصلة مهمة في تدبير سياسته الخارجية، يخدم محور الرباط – داكار باعتباره صمام الأمان والاستقرار السياسي في منطقة غرب أفريقيا، والاستجابة لتطلع شعوب المنطقة إلى تحقيق انتظاراتها التي تضع التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية على رأس قائمة أهدافها.”
واتفق المغرب ونيجيريا على مد خط الأنابيب في 2016 بهدف تعزيز التكامل الإقليمي وأمن الطاقة، وإتاحة طريق لتصدير الغاز الأفريقي إلى أوروبا، حيث ذكر المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن بالمغرب أن قرار الاستثمار النهائي حيال خط الأنابيب من المتوقع اتخاذه العام المقبل.
وستكون المرحلة الأولى للإنجاز بين السنغال وموريتانيا والمغرب، ومن المتوقع أن تبلغ كلفة المشروع الذي تدعمه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) نحو 25 مليار دولار وأن تصل طاقته إلى 30 مليار متر مكعب سنويا، والذي سيمتد على طول يناهز 5660 كيلومترا، ومن المقرر أن ينقسم إلى ثلاث مراحل وأن يجري ربطه بالبنية التحتية القائمة.
وكان سفير المغرب في السنغال حسن الناصري قد أكد أن “العلاقات بين الرباط وداكار تتجاوز الزمن واللحظات السياسية، بإعطائها أبعادا جديدة كما عبر عن ذلك الإخوة في داكار، وبالتالي فالإرادة السياسية واضحة جدا، ودور العاهل المغربي الملك محمد السادس قوي في إعطاء هذه العلاقة المتينة دفعة جديدة على أسس سياسية واقتصادية وثقافية.”
وأكدت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن أمينة بنخضرة، أواخر نوفمبر الماضي بنواكشوط، على هامش مشاركتها في النسخة الثالثة من مؤتمر النفط والغاز والطاقة للدول المطلة على الحوض الأطلسي (موريتانيا، السنغال، غامبيا، غينيا بيساو وغينيا كوناكري) على “أهمية تركيز البلدان الأفريقية، منها السنغال، على تطوير البنى التحتية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها أنبوب الغاز المغربي – النيجيري بفضل الرؤية الملكية التي تروم تعزيز التعاون الأفريقي وتطوير العلاقات مع البلدان.”
وأتاحت الاجتماعات التي جرت بين ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، ونظيرها وزير النفط والطاقة بجمهورية السنغال، مناقشة تفاصيل الملفات ذات الاهتمام المشترك، على رأسها مشروع خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، ودوره الهام في مجال الاندماج الإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المماثلة التي يواجهها البلدان في مجال تحول الطاقة والتنمية المستدامة، بما في ذلك تطوير الطاقات المتجددة، وإصلاح قطاع الكهرباء.
ويبدو أن رهانٍ المغرب على تطوير التنمية في العمق الأفريقي لا يقتصر فقط على خط الغاز والمبادرة الأطلسية بل يشمل أيضا تيسير المبادلات التجارية مع السنغال ودول غرب القارة من خلال إطلاق خط تجاري بحري بين ميناء أغادير ونظيره بداكار في 12 ديسمبر الجاري، وذلك بموجب بروتوكول اتفاق تم توقيعه بأغادير، بين كريم أشنكلي، رئيس جهة سوس ماسة، وغريغوري دارلين، مدير شركة “أطلس مارين” المكلفة بإنجاز هذا المشروع، الذي من شأنه أن يدعم التبادل التجاري بين المملكة ودول جنوب الصحراء كوجه للتعاون جنوب – جنوب، حسب كريم أشنكلي.