يشهد المشهد السياسي في الجزائر بوادر حراك شعبي جديد يحمل في طياته طموحات كبيرة نحو إسقاط نظام الكابرانات، الذي أصبح رمزا للجمود السياسي والاقتصادي في البلاد. هذا الحراك يعبر عن رغبة ملحة للشعب الجزائري في التغيير والانتقال نحو مرحلة جديدة تحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وتعيد للدولة الجزائرية مكانتها الحقيقية كقوة إقليمية تحترم تطلعات مواطنيها.
من المؤكد أن نجاح هذا الحراك سيخدم الجزائر وشعبها بشكل كبير، إذ يمثل فرصة لإعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية واسترجاع الثقة بين المواطن والدولة. لكن على الجانب الآخر، فإن التغييرات المرتقبة قد تثير تساؤلات حول تأثيرها على المغرب والمغاربة، وكذلك على القضية الوطنية المتعلقة بالصحراء المغربية.
لطالما تعوّد المغرب على مواقف الجزائر المعادية، التي كثيرا ما أظهرت تهريجًا سياسيًا وافتقارًا للدبلوماسية الهادئة. الحكومة المغربية، بدورها، اعتادت على التعامل مع مشاكل سياسية متكررة مصدرها الجزائر، مما دفعها إلى تطوير سياسة خارجية مستقرة وناجحة، تمكنت خلالها من تحقيق مكاسب كبيرة في قضية الصحراء المغربية، خصوصًا في فترة حكم الرئيس عبد المجيد تبون.
غير أن ظهور حكومة رزينة في الجزائر، مدعومة بدبلوماسيين محنكين ومواقف أكثر عقلانية، قد يشكل تحديًا جديدًا للمغرب. في حال تراجعت الجزائر عن مواقفها التقليدية واستبدلتها بسياسة قائمة على الحوار والبناء، قد تجد الرباط نفسها أمام معطيات جديدة تتطلب تغييرات تكتيكية للحفاظ على مكتسباتها.
يبقى الحراك الجزائري فرصة تاريخية لتحقيق مطالب الشعب، لكنه أيضًا عامل قد يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. فبينما يترقب المغاربة والعالم نتائج هذا الحراك، يبقى الأمل معلقًا بأن يفتح بابًا للاستقرار والتعاون الإقليمي، بعيدًا عن الصراعات التي استنزفت موارد البلدين لعقود.