الحكومة المغربية تفعّل التواصل مع الرأي العام بشأن مدونة الأسرة

ماموني

كشف كل من عبداللطيف وهبي وزير العدل المغربي وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عن أهم التعديلات التي قدمتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، لتحقيق المساواة والتوازن داخل الأسرة المغربية والمحافظة على كيانها وترسيخ مبادئ العدل والإنصاف والتضامن والانسجام، وفي إطار تواصل الحكومة مع الشعب.

وجاء على رأس التعديلات مسألة التعدد بناء على رأي الزوجة الأولى، وحضانة المطلقة بعد زواجها، ومسألة التعصيب وزواج القاصر وعمل الزوجة المنزلي.

وأكد وهبي الثلاثاء في لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام الوطنية خصص لعرض المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة، أن من بين ما تم اعتماده تحديد أهلية الزواج بالنسبة إلى الفتى والفتاة في 18 سنة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”، مع “إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج، وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط.”

واعتبر وزير العدل أنه في حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيصبح محصورا في “إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية”.

الحكومة بدأت بتوفير الموارد البشرية المؤهلة للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر لمتابعة تعديلات المدونة

من جهته أشار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق إلى أن هناك مسألة واحدة لا يمكن تجاوز رأي اللجنة فيها إلا بقرار من وليّ الأمر، وهي مسألة موافقة الزوجة الأولى في التعدد، ووفقًا للجنة لا يمكن إدراج موافقتها في القانون كشرط للتعدد، لكن يمكن لولي الأمر أن يقرر فرض هذا الشرط إذا اقتضت المصلحة.

وفي كلمته خلال اللقاء التواصلي الذي تم تنظيمه لتقديم مقترحات مراجعة مدونة الأسرة، أشار التوفيق إلى أن لجنة تعديل المدونة “قدمت بدائل شرعية لثلاث قضايا”، وهي المتعلقة بنسب الولد خارج الزواج، والوصية للوارث في حال لم يجزها باقي الورثة، وإلغاء التعصيب في حالة ترك البنات دون الأبناء، وأوضح أن البدائل تتمثل في تحميل الأب المسؤولية المالية تجاه الطفل دون إثبات النسب، واستبدال الوصية بالهبة في حال اعتراض الورثة، ومنح الهبة للبنات في غياب الأبناء.

وتطرق التوفيق إلى مسألتين أخريين، مؤكدا أن اللجنة قدمت فيهما حلولاً بديلة توافق الشرع وتحقق المصلحة العامة، الأولى تتعلق بالتوارث بين الزوجين مختلفي الدين، حيث يمكن لكل طرف أن يوصي أو يهدي للآخر بإرادته، بينما الثانية تتعلق بالتوارث بين الكافل والمكفول، حيث يمكن لكل منهما حيازة المال في حال عدم وجود وثيقة تنازل من الدولة عن الإرث، ويمكن أيضاً لكل منهما أن يوصي أو يهدي بإرادته.

وفي تعديل يهم المسألة المالية، دعت الهيئة إلى تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، وعلى حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون، واعتبرت الحضانة حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها.

الهيئة دعت إلى تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل

وترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، الاثنين بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خُصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة، بعد إحالة التعديلات المرتبطة منها بنصوص دينية إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي أصدر بشأنها رأيا شرعيا، وأيضا بعد قيامه بالتحكيمات الضرورية بالنسبة إلى القضايا التي اقترحت فيها الهيئة أكثر من رأي، أو تلك التي تطلّب الأمر مراجعتها في ضوء الرأي الشرعي، والتي رجّح فيها الملك الخيارات الواقعة في دائرة الضوابط المحددة لعمل الهيئة، وفي مقدمتها ضابط “عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام.”

ودافع التوفيق عن النموذج المغربي في إصلاح مدونة الأسرة، مشيرًا إلى أن هذا الإصلاح تم بإشراف الملك الذي استشار المجلس العلمي الأعلى بشأن المقترحات، وهو ما يعكس خصوصية النظام المغربي المبني على البيعة بين العلماء وأمير المؤمنين، مشددا على أن الفتوى من قبل العلماء تتم بناءً على الاجتهاد الذي يراعي النصوص الشرعية ويخضع لقواعد علمية صارمة، ويهدف إلى الحفاظ على المصلحة العامة وضمان توازن الأسرة والمجتمع في إطار الشريعة الإسلامية.

بدوره، أكد وزير العدل أن الملك محمد السادس حرص خلال إشرافه على كل مراحل إصلاح المدونة، على أن يُحيطه بكل فضائل المشاركة والتملك، بتوفير إطار للتوافق البناء، القادر على إدماج مساهمة الجميع، كل من موقعه، بالشكل الذي يؤدي إلى استمرار التجديد والتطوير والاجتهاد التي عبرت عنها مدونة الأسرة لحظة وضعها سنة 2004.

وفي ما يتعلق بالإجراءات الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، أكدت الحكومة أنها بدأت بتوفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر، إضافة إلى مراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة، وتسهيل الوصول إلى القضاء الأسري، عبر إحداث “شباك موحد” على مستوى محاكم الأسرة، وتأهيل المقبلين على الزواج، من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة على الزواج مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: