التعديلات المتوقعة في مدونة الأسرة بالمغرب: خطوة نحو تمكين المرأة المطلقة وحماية حقوق الطفل
بوشعيب البازي
تشكل التعديلات المقترحة في مدونة الأسرة بالمغرب تحوّلًا مهمًا يعكس تطلعات المجتمع نحو تحقيق مزيد من الإنصاف والعدالة، خصوصًا في ما يتعلق بحقوق المرأة المطلقة وحقوق الأطفال. من بين أبرز هذه التعديلات، نجد الحفاظ على حق الأم المطلقة في حضانة أطفالها حتى في حالة زواجها من جديد، ومنحها الوصاية القانونية على الأطفال.
و كان زواج الأم المطلقة يمثل في السابق تحديًا كبيرًا أمام استمرارية حضانتها لأطفالها، حيث كانت تفقد هذا الحق في العديد من الحالات. ومع التعديل المقترح، ستظل الأم المطلقة محتفظة بحضانة أطفالها، وهو ما يعكس تفهمًا عميقًا للأهمية النفسية والاجتماعية لبقاء الأطفال في حضن الأم، حتى مع دخولها في علاقة زواج جديدة.
فالتعديل الأبرز يتمثل في منح الأم المكلفة بالحضانة الوصاية القانونية على الأطفال. هذا التغيير سيحل العديد من المشاكل التي تواجه المرأة المطلقة، خصوصًا مغاربة العالم. فالكثير من النساء المطلقات كن يعانين من عراقيل قانونية وإدارية بسبب ضرورة الحصول على إذن من الزوج السابق لإنجاز وثائق هامة مثل جواز السفر أو تراخيص السفر للأطفال.
و بهذا التعديل، سيصبح بإمكان المرأة المطلقة التصرف بحرية أكبر فيما يتعلق بمصالح أطفالها دون الحاجة إلى تدخل طليقها. هذا سيخفف من الأعباء الإدارية والمعنوية عليها، ويضمن عدم تقييدها بشروط الطليق، الذي قد يستغل هذا الوضع في كثير من الأحيان لتحقيق مكاسب شخصية أو الضغط على المرأة.
و بالنسبة للجالية المغربية بالخارج، ستكون هذه التعديلات ذات أهمية خاصة. فالأمهات المطلقات في الخارج غالبًا ما يواجهن صعوبات إضافية بسبب القوانين المزدوجة وتعقيدات الحصول على الوثائق. التعديلات ستمنحهن مزيدًا من الاستقلالية والمرونة، مما يخفف من التحديات المرتبطة بتربية الأطفال وضمان مستقبلهم.
و تمثل هذه التعديلات قفزة نوعية نحو تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز العدالة الاجتماعية. فهي تحمي حقوق المرأة المطلقة وتصون كرامتها، مع مراعاة مصلحة الطفل الفضلى. كما أنها تعكس التزام المشرّع المغربي بتطوير مدونة الأسرة لتتماشى مع المتغيرات الاجتماعية والثقافية، وتحقيق التوازن بين التقاليد والقيم الحديثة.
هذا فالتعديلات المقترحة في مدونة الأسرة ليست مجرد قوانين جديدة، بل هي انعكاس لإرادة مجتمعية تتطلع نحو تمكين المرأة وضمان حقوقها، مع الحفاظ على استقرار الأسرة ومصلحة الطفل.