ذوو الاحتياجات الخاصة في المغرب: واقع مؤلم في ظل غياب الدعم الكافي

بوشعيب البازي

يعاني المغرب من تزايد أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، في ظل غياب سياسات دعم فعالة من الدولة تعينهم على تجاوز تحديات الحياة اليومية. هذا الوضع لا يؤثر فقط على هؤلاء الأشخاص، بل يمتد ليثقل كاهل أسرهم التي تجد نفسها عاجزة عن توفير الرعاية المادية والمعنوية اللازمة، مما يجعل الإعاقة عبئًا مضاعفًا على الأسرة والمجتمع.

في المغرب، يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة العديد من العقبات، بدءًا من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم المناسبين، وصولًا إلى غياب فرص العمل التي تضمن لهم حياة كريمة. بينما تعتمد الأسر في معظم الأحيان على جهودها الخاصة في تغطية نفقات الرعاية، فإن غياب دعم الدولة يجعل هذه المهمة شبه مستحيلة بالنسبة للعديد من العائلات ذات الدخل المحدود.

عند مقارنة الوضع في المغرب بالدول المتقدمة، يظهر بوضوح حجم التفاوت الكبير. ففي هذه الدول، يتم تخصيص ميزانيات ضخمة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تُوفر لهم برامج تعليمية وتأهيلية متخصصة، ومساعدات مالية دورية، فضلاً عن تسهيلات مادية وقانونية تضمن لهم دمجًا كاملًا في المجتمع. كما تُخصص فرق متخصصة لدراسة أوضاعهم وتطوير استراتيجيات لتحسين جودة حياتهم.

على الرغم من أن المغرب يمتلك موارد اقتصادية كافية، إلا أن هذه الفئة لا تزال تعاني من التهميش . ويتطلب إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع تخطيطًا جادًا واستثمارًا مستدامًا في مجالات التعليم، والصحة، والبنية التحتية، فضلاً عن توفير المساعدات المالية والاجتماعية لهم ولأسرهم.

عندما تتخلى الدولة عن مسؤولياتها تجاه هذه الفئة، قد تجد بعض العائلات نفسها مضطرة لدفع أبنائها ذوي الاحتياجات الخاصة إلى ممارسة التسول أو الاستعانة بهم كمصدر دخل بطرق غير لائقة. هذا الوضع لا يمس كرامة الأفراد فقط، بل يسيء إلى صورة المجتمع ككل.

لضمان حياة كريمة لذوي الاحتياجات الخاصة، يجب على الدولة أن تتبنى سياسات شاملة تشمل إنشاء مراكز متخصصة للتأهيل والرعاية، و توفير مساعدات مالية للأسر التي ترعى معاقين ، و كذا سن قوانين تضمن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم والعمل و تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية إدماج هذه الفئة في الحياة اليومية.

ذوو الاحتياجات الخاصة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ورعايتهم مسؤولية جماعية تتطلب تدخل الدولة والمجتمع المدني. إذا أراد المغرب تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، فإن هذه الفئة يجب أن تكون في صلب اهتماماته، لتجنب تحول الإعاقة إلى مأساة إنسانية واجتماعية تطال الجميع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: