أكد وزير الخارجية الإسباني والاتحاد الأوروبي والتعاون خوسيه مانويل ألباريس، الأربعاء، بأن المغرب وإسبانيا يعيشان اليوم “أفضل لحظة في علاقاتهما الثنائية.”
وأوضح أن “علاقاتنا مع المغرب حيوية ومفيدة لكلا البلدين،” مشددًا على أن التعاون الأمني بين البلدين “حاسم” في محاربة شبكات الاتجار بالبشر وتفكيك الخلايا الإرهابية، كاشفا أن “حصيلة خارطة الطريق بين المغرب وإسبانيا، إيجابية تمامًا ومفيدة للغاية لكلا البلدين،” مبرزا “تميز العلاقات الاقتصادية الثنائية، وأن المغرب يعد أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لإسبانيا،”
وأكد وزير الخارجية الإسباني أن “المبادلات التجارية بين البلدين، تجاوزت في عام 2023 21 مليار يورو،” لافتًا إلى أن “ما يقرب من 17 ألف شركة إسبانية تُصدّر منتجاتها إلى المغرب، وأكثر من 4 آلاف شركة إسبانية مستقرة في المغرب.”
وبعد التحسن السياسي والدبلوماسي ودعم العلاقات المغربية – الإسبانية بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى الرباط في فبراير الماضي تتوقع حكومة مدريد استثمارات مهمة ومتنامية للشركات الإسبانية في أفق 2050 بالمغرب، ليُجسد مدى تلازُم العلاقات الاقتصادية في دعم الديناميكية السياسية والدبلوماسية المتنامية بين البلدين في العقد الأخير، وأن الشراكة الاقتصادية الثنائية مدعوة إلى المزيد من التوطيد مع سياق التنظيم المشترك للبلدين مع البرتغال كأس العالم لكرة القدم 2030.
وأكد خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية، أن “تصريحات وزير الخارجية تثبت موقف إسبانيا تجاه قضية الحكم الذاتي والتعاون البناء الذي يشهده البلدان في إطار التحولات الكبرى التي تعرفها المنطقة، والرؤى الإستراتيجية للعاهل المغربي الملك محمد السادس التي ترتكز على أبعاد حيوية في بناء المغرب لشركات ذات طبيعة إستراتيجية إقليميا ودوليا وعلى المستوى الأفريقي.”
وأوضح أنه “لا يمكن اعتبار ما جاء في هذه المذكرة موقفا جديدا لإسبانيا، لأنه ليس موقفا يرتبط بحالة تستدعي توضيح الموقف وتفصيله في اتجاهات مختلفة، بما فيها الحكم الذاتي.”
وتظهر معطيات مكتب الصرف أن إسبانيا تحتل المرتبة الثالثة من حيث صافي التدفقات والرصيد الإجمالي للاستثمارات الأجنبية المباشرة بعد كل من فرنسا الأولى، والإمارات العربية المتحدة الثانية.
ويرى خبراء في الاقتصاد أن تنظيم البلدين إلى جانب البرتغال كأس العالم 2030 ستكون له نتائج استثمارية كبيرة، وسيساهم في الزيادة التلقائية للاستثمارات الإسبانية بالمغرب.
وتأتي هذه التصريحات بعدما وجهت الخارجية الإسبانية مذكرة رسمية إلى الجيش الإسباني تتضمن توجيهات محددة ودقيقة في كيفية تعامل العسكريين بمختلف رتبهم مع ملف الصحراء المغربية في حال كانوا حاضرين أو مشاركين في منتديات دولية، بتجنب الإدلاء بأيّ تصريح حول الملف، داعية قيادات الجيش إلى توخي الحذر عند التعاطي مع القضية خلال الاجتماعات العامة.
تنظيم البلدين إلى جانب البرتغال كأس العالم 2030 ستكون له نتائج استثمارية كبيرة، وسيساهم في الزيادة التلقائية للاستثمارات الإسبانية بالمغرب
وأضافت المذكرة أنه حتى وإن طُلب من العسكريين ضرورة التفاعل مع الموضوع، فيجب أن يكون الجواب هو “لا يوجد موقف محدد بشأن هذه القضية في المجال الذي تشرف عليه وزارة الدفاع وأن الموضوع يهم وزارة الخارجية.”
وبخصوص استمرار غلق الجمارك التجارية بسبتة ومليلية المحتلتين، شدد حزب العمال الاشتراكي الحاكم بإسبانيا، على ضرورة الرهان على نموذج حدودي يضمن النظام والسيطرة في عبور الأشخاص والبضائع، حيث يرى الحزب أن وضعية المدينتين وحساسيتهما بالنسبة إلى المغرب تتطلب إيجاد نموذج متوافق عليه بين الطرفين مع مواصلة الحوار والتعاون مع الحكومة المغربية من أجل استكمال عملية فتح الجمارك تدريجيا، مع احترام حقوق والتزامات كلا الطرفين.
ودائما ما يخرج المسؤولون الإسبان للتأكيد على أهمية العلاقات الثنائية وتقاطع الرؤى الجيوسياسية، حيث أكد السفير الإسباني بالمغرب إنريكي أوجيدا فيلا أن “إسبانيا تعد الشريك التجاري الأول للمغرب في مجال التجارة، وتهدف إلى أن تصبح المستثمر الأجنبي الرئيسي في المملكة، خاصة في القطاعات الواعدة، مثل الطاقات المتجددة والنقل بالسكك الحديد.”
كما لفت الدبلوماسي الإسباني، في إحدى الفعاليات الثقافية بجامعة عبدالمالك السعدي بتطوان شمال المغرب، إلى “الروابط الإنسانية المشتركة، مع وجود حوالي مليون مغربي مقيم في إسبانيا وجالية إسبانية كبيرة في المغرب.”
وعرف مجال التعاون المغربي – الاسباني في مجالات الهجرة ومكافحة الإرهاب والتنظيمات الإجرامية، تطورا مهما، حيث أكد مانويل نافاريتي مدير مركز الاستخبارات الإسبانية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة على الأهمية الكبيرة للتعاون الأمني بين البلدين، ووصف هذا التعاون بأنه جيد للغاية ومستمر، موضحا أن هذا التعاون يشمل التنسيق الوثيق بين الشرطة الإسبانية، الحرس المدني والسلطات الأمنية المغربية في مكافحة الجريمة المنظمة والتهديدات الإرهابية.
وسبق أن رفضت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس الاتهامات الموجهة ضد المغرب من حزب الشعب الإسباني، الذي اتهم المملكة بـ”التجسس” على هواتف أعضاء الحكومة الإسبانية، بما في ذلك هاتف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز. وأكدت أن الاتهامات ضد المغرب دون أدلة هي “استغلال غير مسؤول لموضوع حساس.”