المغرب يحصن نزاهة القضاة وحيادهم بمراقبة التصريح بالممتلكات

ماموني

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب لعام 2023 عن جهود حثيثة لتعزيز النزاهة والرقابة في الجهاز القضائي، متخذا جملة من الإجراءات التأديبية والرقابية لضمان الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية للقضاة.

وأظهر التقرير السنوي الصادر عن المجلس، تعديل المادة 100 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وذلك بتحديد مدة التقادم بالنسبة للمخالفات المتعلقة بالزيادة غير المبررة في ثروة القضاة في 15 سنة، تبتدئ من تاريخ التصريح بالممتلكات، مع التأكيد على عدم تقادم المخالفات المتعلقة بالممتلكات التي لم يُصرح بها القاضي للمجلس.

وأضاف التقرير المرفوع إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس أنه “اتضح بالنسبة للبت في بعض القضايا من طرف المجلس وجود غموض في تفسير النصوص المتعلقة بهذا الموضوع، لاسيما مقتضيات المادة 107 من القانون التنظيمي للمجلس المتعلقة بتتبع ثروة القضاة، حيث تذهب بعض الآراء إلى القول بإخضاعها المقتضيات التقادم المنصوص عليها في المادة 100 المشار إليها، وهو ما لا ينسجم مع فلسفة الأخلقة التي تنهجها الدولة عموماً، والتي هي مبادئ دستورية يقوم عليها النظام القضائي.”

رشيد لزرق: تصريح القضاة بممتلكاتهم خطوة مهمة لتكريس مبادئ المحاسبة

وتنص المادة 107، من القانون التنظيمي على أنه “يكلف الرئيس المنتدب للمجلس بتتبع ثروة القضاة، ويحق له دائما، بعد موافقة أعضاء المجلس، أن يقدر ثروة القضاة وأزواجهم وأولادهم بواسطة التفتيش، ويمكن أن يكون موضوع متابعة تأديبية كل قاض ثبتت زيادة ممتلكاته، خلال فترة ممارسة مهامه، زيادة ملحوظة لا يستطيع تبريرها بصورة معقولة.”

وأكد المجلس برئاسة محمد عبدالنباوي، أنه انكب على مشروع أخلقة المنظومة القضائية باعتباره مدخلا أساسيا لتحقيق الأمن القضائي وتعزيز الثقة في القضاء، مشيرا إلى أنه عمل على هذا البرنامج الإستراتيجي المهم، مع تنزيل رؤيته لأخلقة المنظومة، وفق ثلاث مقاربات مندمجة ومتكاملة، تجمع بين المقاربة التحسيسية والمقاربة التأطيرية والمقاربة التأديبية.

وتماشيا مع هذا التوجه، بادر القضاة المنتسبون إلى المكتب التنفيذي لـ”نادي قضاة المغرب” إلى التصريح بممتلكاتهم وديونهم، خلال شهر أكتوبر الماضي، ونشرها على الموقع الإلكتروني الرسمي للنادي.

وأكد رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية في تصريح لـه، أن “التصريح العلني للقضاة بممتلكاتهم وديونهم خطوة مهمة في أخلقة العمل وتكريس مبادئ المحاسبة والشفافية في هذا القطاع الحيوي والحساس، وبهذا فإن إلزامية التصريح بالممتلكات تعكس إرادة المغرب في إرساء وتوطيد قيم الاستقامة والنزاهة من خلال سياسة جنائية فعالة في مجال مكافحة الفساد والرشوة.”

ويعتزم المخطط الإستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى غاية 2026، التصدي لكل مظاهر الفساد الأخلاقي، من خلال إعمال المقتضيات المنصوص عليها قانوناً، والزيادة من مستوى الأخلاق القضائية بما يحفظ شرف القضاء وكرامته، ويصون الحيادية والاستقلال والتجرد ويعزز الشفافية والنزاهة.

وأكد التقرير السنوي الصادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أنه تمت معاقبة عدد من القضاة بسبب إخلالات مهنية وأخلاقية ارتكبوها، حيث تمت إحالة 55 قاضيا على المجلس التأديبي للبت في المخالفات المنسوبة إليهم، مشيرا إلى أن العقوبات كانت متنوعة، كما تم تكليف المفتشية العامة للشؤون القضائية بتتبع ثروة 15 قاضيا، وتقدير الثروة بالنسبة إلى 36 قاضيا.

الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وجه دورية إلى قضاة المملكة حثهم فيها على التقيد بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالتصريح بالممتلكات

وأشار التقرير إلى مواصلة اللجنة المكلفة بالفحص المنتظم للتصريح بالممتلكات لعملها، حيث وجه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، دورية إلى قضاة المملكة حثهم فيها على التقيد بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالتصريح بالممتلكات.

وحسب مقتضيات القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات، يتعين على القاضي، أن يصرح، في أجل أقصاه ثلاثة أشهر الموالية لتعيينه، بمجموع أنشطته المدرة للدخل والممتلكات التي يملكها ويملكها أولاده القاصرون، وكذلك المداخيل التي استلمها، بأي صفة من الصفات، خلال السنة السابقة للسنة التي تم تعيينه فيها.

كما ينص القانون المذكور على أن يجدد الملزم بالتصريح كل ثلاث سنوات في شهر فبراير، ويوضح، عند الاقتضاء، التغيرات الطارئة على نشاطاته ومداخيله وممتلكاته، ويجب أن يكون التصريح بالممتلكات مدعما بتصريح يتعلق بالمداخيل وتصريح بنشاطات المعني، كما يتعين عليه الإدلاء بتصريح تكميلي بخصوص كل تغيير يطرأ على ثروة المعني أو المعنيين بالأمر.

ونبه رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الدورية التي وجهها إلى قضاة المملكة، إلى أن بعض القضاة “لا يبادرون إلى الإدلاء بالتصريح التكميلي بممتلكاتهم ومداخيلهم في أجل ثلاثة أشهر الموالية لحدوث أي تغيير عليها، سواء بالشراء أو بالبيع أو بغيرهما من المعاملات الناقلة للملكية، حيث دعا القاضيات والقضاة الذين طرأ أي تغيير على ثروتهم، إلى التفضل بتقديم التصريح التكميلي بالممتلكات والمداخيل، وفق النموذج المعدّ للتحميل بالفضاء الخاص بالقضاة بالموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.”

وأبرز التقرير السنوي ما يقوم به محمد عبد النباوي، بشأن إيلاء التصريح بالممتلكات العناية اللازمة، والحرص على تعبئة التصريحات بالممتلكات بالدقة المطلوبة، وتقديم تصاريح جديدة كلما طرأ تغيير في الوضعية المالية، كما تابعت لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاة، التي تعتبر من اللجان الدائمة التابعة للمجلس، مهامها المتعلقة بالإشراف على عمل مستشاري الأخلاقيات، وتأطيرهم، وعقد لقاءات تشاورية معهم.

ومن بين النقاط المهمة التي نبه إليها الرئيس المنتدب للسلطة القضائية الإشارة إلى أن بعض القضاة الذين يتوفرون على ممتلكات عقارية خاضعة لنظام التحفيظ العقاري دون الإدلاء بأرقام رسومها العقارية، وترك خانة القروض خالية رغم الإشارة إلى امتلاك بعض العقارات والمنقولات بواسطة قروض.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: